البياني
الإمام ، المجتهد ، الحافظ ، عالم الأندلس أبو محمد ، القاسم [ ص: 328 ] بن محمد بن القاسم بن محمد بن سيار ، مولى الخليفة الوليد بن عبد الملك ، الأموي الأندلسي القرطبي البياني ، أحد الأعلام .
غطى معرفته بالحديث براعته في الفقه والمسائل ، وفاق أهل العصر ، وضرب بإمامته المثل ، وصار إماما مجتهدا ، لا يقلد أحدا ، مع قوة ميله إلى مذهب وبصره به ، فإنه لازم التفقه على الإمامين : الشافعي أبي إبراهيم المزني ، . ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم
مولده بعد سنة عشرين ومائتين فيما أرى .
وروى عن : إبراهيم بن محمد الشافعي ، وأبي الطاهر بن السرح ، وإبراهيم بن المنذر الحزامي ، ، والحارث بن مسكين ، ويونس بن عبد الأعلى والمزني والربيع ، ، وخلق . وابن عبد الحكم
وأدرك بقايا أصحاب الليث ، . ومالك
تفقه به علماء قرطبة .
وحدث عنه : سعيد بن عثمان الأعناقي ، وأحمد بن خالد بن الجباب ، ومحمد بن عمر بن لبابة ، وابنه محمد بن قاسم ، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن ، وآخرون .
قال ابن الفرضي في " تاريخه " : لزم قاسم البياني ابن عبد الحكم ، للتفقه والمناظرة ، وصحبه ، وتحقق به وبالمزني . وكان يذهب مذهب الحجة والنظر ، وترك التقليد ، ويميل إلى فقه . . . . لم يكن [ ص: 329 ] الشافعي بالأندلس أحد مثله في حسن النظر ، والبصر بالحجة . وقال أحمد بن الجباب : ما رأيت مثل قاسم في الفقه ممن دخل الأندلس من أهل الرحل .
وقال محمد بن عبد الله بن قاسم الزاهد : سمعت يقول : بقي بن مخلد قاسم بن محمد أعلم من محمد بن عبد الله بن عبد الحكم .
قال أسلم بن عبد العزيز : سمعت ابن عبد الحكم يقول : لم يقدم علينا من الأندلس أحد أعلم من قاسم بن محمد ، ولقد عاتبته حين رجوعه إلى الأندلس ، قلت : أقم عندنا ، فإنك تعتقد هنا رئاسة ، ويحتاج الناس إليك ، فقال : لا بد من الوطن .
قال ابن الفرضي : ألف قاسم في الرد على يحيى بن مزين ، والعتبي ، وعبد الله بن خالد كتابا نبيلا ، يدل على علمه . قال : وله كتاب شريف في خبر الواحد ، وكان يلي وثائق الأمير محمد -يعني ملك الأندلس - طول أيامه .
قلت : وصنف كتاب " الإيضاح " في الرد على المقلدين ، وكان ميالا إلى الآثار .
قال : سمعت أبو علي الغساني يقول : لم يكن أحد ببلدنا أفقه من ابن عبد البر قاسم بن محمد ، وأحمد بن الجباب .
[ ص: 330 ] مات في آخر سنة ست وسبعين ومائتين هو في عام ، وما خلفا مثلهما . وبقي بن مخلد