عبد الله بن المقفع
أحد البلغاء والفصحاء ، ورأس الكتاب وأولي الإنشاء من نظراء عبد الحميد الكاتب . وكان من مجوس فارس فأسلم على يد الأمير عيسى عم السفاح وكتب له واختص به . قال الهيثم بن عدي : قال له : أريد أن أسلم على يدك بمحضر [ ص: 209 ] الأعيان . ثم قعد يأكل ويزمزم بالمجوسية . فقال : ما هذا ؟ قال : أكره أن أبيت على غير دين . وكان ابن المقفع يتهم بالزندقة . وهو الذي عرب كليلة ودمنة . وروي عن المهدي قال : ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع .
وغضب المنصور منه ، لأنه كتب في توثق عبد الله بن علي من المنصور يقول : ومتى غدر بعمه ، فنساؤه طوالق ، وعبيده أحرار ، ودوابه حبس ، والناس في حل من بيعته . فكتب إلى عامله سفيان المهلبي يأمره بقتل ابن المقفع .
وكان ابن المقفع مع سعة فضله ، وفرط ذكائه فيه طيش . فكان يقول عن سفيان المهلبي : ابن المغتلمة فأمر له بتنور فسجر ثم قطع أربعته ورماها في التنور وهو ينظر . وعاش ستا وثلاثين سنة . وأهلك في سنة خمس وأربعين ومائة وقيل بعد الأربعين . واسم أبيه ذادويه ، قد ولي خراج فارس فخان ، فعذبه للحجاج ، الحجاج فتقفعت يده . وقيل : بل كان يعمل قفاع الخوص وهي كالقفة .
قيل : من أدبك ؟ قال : نفسي . إذا رأيت من أحد حسنا أتيته ، وإن رأيت قبيحا أبيته . لابن المقفع
وقيل : اجتمع بالخليل ، فلما تفرقا قيل للخليل : كيف رأيته ؟ قال : علمه أكثر من عقله . وسئل هو : كيف رأيت الخليل ؟ قال : عقله أكثر من علمه . وقيل : إن والي البصرة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب قال يوما : ما ندمت على سكوت قط . فقال ابن المقفع : فالخرس زين لك . وقال له مرة : ما تقول في رجل مات عن زوج وزوجة ؟ فأحنقه .
قال الأصمعي : صنف ابن المقفع " الدرة اليتيمة " التي ما صنف مثلها . ومن قوله : شربت من الخطب ريا ولم أضبط لها رويا ، فغاضت ثم فاضت فلا هي هي نظاما ولا هي غيرها كلاما .