عبد الله بن علي
ابن البحر عبد الله بن عباس ، عم السفاح والمنصور ، من رجال العالم ودهاة قريش . كان بطلا شجاعا مهيبا ، جبارا عسوفا ، سفاكا للدماء . به قامت الدولة العباسية . سار في أربعين ألفا أو أكثر فالتقى الخليفة مروان بقرب الموصل فهزمه ، ومزق جيوشه ، ولج في طلبه ، وطوى البلاد حتى نازل دار الملك دمشق ، فحاصرها أياما ، وأخذها بالسيف ، وقتل بها إلى الظهر نحوا من خمسين ألف مسلم من الجند وغيرهم . ولم يرقب فيهم إلا ولا ذمة ، ولا رعى رحما ، ولا نسبا . ثم جهز في الحال أخاه داود بن علي في طلب مروان ، إلى أن أدركه بقرية بوصير من بلاد مصر ، فبيته ، فقاتل المسكين حتى قتل . وهرب ابناه إلى بلاد الحبشة ، وانتهت الدولة الأموية .
ولما مات السفاح ، زعم عبد الله أنه ولي عهده ، وبايعه أمراء الشام ، وبويع [ ص: 162 ] المنصور بالعراق ، وندب لحرب عمه صاحب الدعوة أبا مسلم الخراساني ، فالتقى الجمعان بنصيبين ، فاشتد القتال وقتلت الأبطال ، وعظم الخطب ، ثم انهزم عبد الله في خواصه ، وقصد البصرة ، فأخفاه أخوه سليمان مدة ، ثم ما زال المنصور يلح حتى أسلمه ، فسجنه سنوات . فيقال : حفر أساس الحبس وأرسل عليه الماء فوقع على عبد الله في سنة سبع وأربعين ومائة فالأمر لله .