قال ابن إسحاق : ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده ، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر ، وكانت الهزيمة لا شك فيها .
قال ابن إسحاق : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، عن عبد الله بن الزبير ، عن الزبير ، أنه قال : [ ص: 78 ] والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ، ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر ، حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل ، فأتينا من خلفنا ، وصرخ صارخ : ألا إن محمدا قد قتل ؛ فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم
قال ابن هشام : الصارخ : أزب العقبة ، يعني الشيطان .
[ شجاعة صؤاب وشعر حسان في ذلك ]
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم : أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية ، فرفعته لقريش ، فلاثوا به . وكان اللواء مع صؤاب ، غلام لبني أبي طلحة ، حبشي وكان آخر من أخذه منهم ، فقاتل به حتى قطعت يداه ، ثم برك عليه ، فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه ، وهو يقول : اللهم هل أعزرت - يقول : أعذرت - فقال حسان بن ثابت في ذلك :
فخرتم باللواء وشر فخر لواء حين رد إلى صؤاب جعلتم فخركم فيه بعبد
وألأم من يطا عفر التراب ظننتم ، والسفيه له ظنون
وما إن ذاك من أمر الصواب بأن جلادنا يوم التقينا
بمكة بيعكم حمر العياب أقر العين أن عصبت يداه
وما إن تعصبان على خضاب
قال ابن هشام : آخرها بيتا يروى لأبي خراش الهذلي ، وأنشدنيه له خلف الأحمر : [ ص: 79 ]
أقر العين أن عصبت يداها وما إن تعصبان على خضاب
في أبيات له ، يعني امرأته ، في غير حديث أحد . وتروى الأبيات أيضا لمعقل بن خويلد الهذلي .