وكان كسرى سابور ذو الأكتاف غزا ساطرون ملك الحضر ، فحصره سنتين ، فأشرفت بنت ساطرون يوما ، فنظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج ، [ ص: 72 ] وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ ، وكان جميلا ، فدست إليه : أتتزوجني إن فتحت لك باب الحضر ؟ فقال : نعم ، فلما أمسى ساطرون شرب حتى سكر ، وكان لا يبيت إلا سكران . فأخذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه ، فبعثت بها مع مولى لها ، ففتح الباب ، فدخل سابور ، فقتل ساطرون ، واستباح الحضر وخربه ، وسار بها معه فتزوجها .
فبينا هي نائمة على فراشها ليلا إذ جعلت تتململ لا تنام ، فدعا لها بشمع ، ففتش فراشها ، فوجد عليه ورقة آس ، فقال لها سابور : أهذا الذي أسهرك ؟ قالت : نعم ، قال : فما كان أبوك يصنع بك ؟ قالت : كان يفرش لي الديباج ، ويلبسني الحرير ، ويطعمني المخ ، ويسقيني الخمر ، قال : أفكان جزاء أبيك ما صنعت به ؟ أنت إلي بذلك أسرع ، ثم أمر بها فربطت قرون رأسها بذنب فرس ، ثم ركض الفرس حتى قتلها . ففيه يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة :
:
ألم تر للحضر إذ أهله بنعمى وهل خالد من نعم أقام به شاهبور الجنود
حولين تضرب فيه القدم فلما دعا ربه دعوة
أناب إليه فلم ينتقم