ثم ذكر غرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم ، إذ قالوا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أي ما جاء به محمد فأمطر علينا حجارة من السماء كما أمطرتها على قوم لوط أو ائتنا بعذاب أليم أي بعض ما عذبت به الأمم قبلنا ، وكانوا يقولون : إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره ، ولم يعذب أمة ونبيها معها حتى يخرجه عنها .
وذلك من قولهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم ، فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ، يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم ، حين نعى سوء أعمالهم : وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون أي لقولهم : إنا نستغفر ومحمد بين أظهرنا ، ثم قال وما لهم ألا يعذبهم الله وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون كما يقولون وهم يصدون عن المسجد الحرام أي من آمن بالله وعبده : أي أنت ومن اتبعك ، وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون الذين يحرمون حرمته ويقيمون الصلاة عنده : أي أنت ومن آمن بك ولكن أكثرهم لا يعلمون
وما كان صلاتهم عند البيت التي يزعمون أنه يدفع بها عنهم إلا مكاء وتصدية
[ تفسير ابن هشام لبعض الغريب ]
قال ابن هشام : المكاء : الصفير . والتصدية : التصفيق . قال عنترة بن عمرو ( ابن شداد ) العبسي :
ولرب قرن قد تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم
يعني : صوت خروج الدم من الطعنة ، كأنه الصفير . وهذا البيت في قصيدة له . وقال الطرماح بن حكيم الطائي ::
[ ص: 671 ] لها كلما ريعت صداة وركدة بمصدان أعلى ابني شمام البوائن