ثم ذكر ( سبحانه وتعالى ) رفعه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله ، فقال : ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ثم أخبرهم ورد عليهم فيما أقروا لليهود بصلبه ، كيف رفعه وطهره منهم ، فقال : إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا إذ هموا منك بما هموا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم القصة ، حتى انتهى إلى قوله : ذلك نتلوه عليك يا محمد من الآيات والذكر الحكيم القاطع الفاصل الحق ، الذي لا يخالطه الباطل ، من الخبر عن عيسى ، وعما اختلفوا فيه من أمره ، فلا تقبلن خبرا غيره . إن مثل عيسى عند الله فاستمع كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك أي ما جاءك من الخبر عن عيسى فلا تكن من الممترين أي قد جاءك الحق من ربك فلا تمترين فيه ، وإن قالوا : خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب ، بتلك القدرة من غير أنثى ولا ذكر ، فكان كما كان عيسى لحما ودما ، وشعرا وبشرا ، فليس خلق عيسى من غير ذكر بأعجب من هذا . فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم أي من بعد ما قصصت عليك من خبره ، وكيف كان أمره ، فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
[ ص: 583 ] [ ] تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : قال أبو عبيدة : نبتهل : ندعو باللعنة ، قال أعشى بني قيس بن ثعلبة :
:
لا تقعدن وقد أكلتها حطبا نعوذ من شرها يوما ونبتهل
وهذا البيت في قصيدة له . يقول : ندعو باللعنة . وتقول العرب : بهل الله فلانا ، أي لعنه ، وعليه بهلة الله . ( قال ابن هشام ) : ويقال : بهلة الله ، أي لعنة الله ؛ ونبتهل أيضا : نجتهد ، في الدعاء .قال ابن إسحاق : إن هذا الذي جئت به من الخبر عن عيسى لهو القصص الحق من أمره وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فدعاهم إلى النصف ، وقطع عنهم الحجة .