( مرفوعة مطهرة ( 14 ) بأيدي سفرة ( 15 ) كرام بررة ( 16 ) قتل الإنسان ما أكفره ( 17 ) من أي شيء خلقه ( 18 ) من نطفة خلقه فقدره ( 19 ) ثم السبيل يسره ( 20 ) ثم أماته فأقبره ( 21 ) )
( مرفوعة ) رفيعة القدر عند الله - عز وجل - ، وقيل : مرفوعة يعني في السماء السابعة . ( مطهرة ) لا يمسها إلا المطهرون ، وهم الملائكة . ( بأيدي سفرة ) قال ابن عباس ومجاهد : كتبة ، وهم الملائكة الكرام الكاتبون ، واحدهم سافر ، يقال : سفرت أي كتبت . ومنه قيل [ للكاتب : سافر ، و ] للكتاب : سفر وجمعه : أسفار .
وقال الآخرون : هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير ، وهو الرسول ، وسفير القوم الذي يسعى بينهم للصلح ، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم . ثم أثنى عليهم فقال : ( كرام بررة ) أي : كرام على الله ، بررة مطيعين ، جمع بار . قوله - عز وجل - : ( قتل الإنسان ) أي لعن الكافر . قال مقاتل : نزلت في عتبة بن أبي لهب ( ما أكفره ) ما أشد كفره بالله مع كثرة إحسانه إليه وأياديه عنده ، على طريق التعجب ، قال الزجاج : معناه : اعجبوا أنتم من كفره . وقال الكلبي ومقاتل : هو " ما " الاستفهام ، يعني : أي شيء حمله على الكفر ؟ ثم بين من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم أن الله خالقه فقال : ( من أي شيء خلقه ) لفظه استفهام ومعناه التقرير . ثم فسره فقال : ( من نطفة خلقه فقدره ) أطوارا : نطفة ثم علقة إلى آخر خلقه ، قال الكلبي : قدر خلقه ، رأسه وعينيه ويديه ورجليه . ( ثم السبيل يسره ) أي طريق خروجه من بطن أمه . قال السدي ومقاتل ، والحسن ومجاهد : يعني طريق الحق والباطل ، سهل له العلم به ، كما قال : " إنا هديناه السبيل " ( الإنسان - 3 ) " وهديناه النجدين " ( البلد - 10 ) وقيل : يسر على كل أحد ما خلقه له وقدره عليه . ( ثم أماته فأقبره ) جعل له قبرا يوارى فيه . قال الفراء : جعله مقبورا ولم يجعله ممن يلقى كالسباع والطيور . يقال : قبرت الميت إذا دفنته ، وأقبره الله : أي صيره بحيث يقبر ، وجعله ذا قبر ، [ ص: 338 ] كما يقال : طردت فلانا والله أطرده أي صيره طريدا .