[ ص: 214 ] ( وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ( 53 ) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون ( 54 ) وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين ( 55 ) )
( وإذا يتلى عليهم ) يعني القرآن ، ( قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا ) وذلك أن ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، ( إنا كنا من قبله مسلمين ) أي : من قبل القرآن مسلمين مخلصين لله بالتوحيد مؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - أنه نبي حق .
( أولئك يؤتون أجرهم مرتين ) لإيمانهم بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ، ( بما صبروا ) على دينهم . قال مجاهد : نزلت في قوم من أهل الكتاب أسلموا فأوذوا أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي ، أخبرنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حفص الجويني ، أخبرنا أخبرنا أحمد بن سعيد الدارمي ، عثمان ، أخبرنا شعبة ، عن صالح ، عن الشعبي ، عن أبي بردة ، عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أبي موسى الأشعري بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وعبد أحسن عبادة الله ونصح سيده " . قوله - عز وجل - : ( ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين : رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها ، ورجل من أهل الكتاب آمن بكتابه وآمن ويدرءون بالحسنة السيئة ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يدفعون بشهادة أن لا إله إلا الله الشرك ، قال مقاتل : يدفعون ما سمعوا من الأذى والشتم من المشركين بالصفح والعفو ، ( ومما رزقناهم ينفقون ) في الطاعة .
( وإذا سمعوا اللغو ) القبيح من القول ، ( أعرضوا عنه ) وذلك أن المشركين كانوا يسبون مؤمني أهل الكتاب ويقولون : تبا لكم تركتم دينكم ، فيعرضون عنهم ولا يردون عليهم ، [ ص: 215 ] ( وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) لنا ديننا ولكم دينكم ، ( سلام عليكم ) ليس المراد منه سلام التحية ، ولكنه سلام المتاركة ، معناه : سلمتم منا لا نعارضكم بالشتم والقبيح من القول ، ( لا نبتغي الجاهلين ) أي : دين الجاهلين ، يعني : لا نحب دينكم الذي أنتم عليه . وقيل : لا نريد أن نكون من أهل الجهل والسفه ، وهذا قبل أن يؤمر المسلمون بالقتال .