[ ص: 316 ] ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ( 30 ) وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ( 31 ) )
( أولم ير الذين كفروا ) قرأ ابن كثير " ألم ير " [ بغير واو ] وكذلك هو في مصاحفهم ، معناه : ألم يعلم الذين كفروا ، ( أن السماوات والأرض كانتا رتقا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وقتادة : كانتا شيئا واحدا ملتزقتين ( ففتقناهما ) فصلنا بينهما بالهواء ، والرتق في اللغة : السد ، والفتق : الشق .
قال كعب : خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض ، ثم خلق ريحا فوسطها ففتحها بها .
قال مجاهد : كانت السموات مرتقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبع سماوات ، وكذلك الأرض كانتا مرتقة طبقة واحدة فجعلها سبع أرضين . والسدي
قال عكرمة وعطية : كانت السماء رتقا لا تمطر والأرض رتقا لا تنبت ، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات . وإنما قال : ( رتقا ) على التوحيد وهو من نعت السموات والأرض لأنه مصدر وضع موضع الاسم ، مثل الزور والصوم ونحوهما . ( وجعلنا ) [ وخلقنا ] ( من الماء كل شيء حي ) أي : وأحيينا بالماء الذي ينزل من السماء كل شيء حي أي : من الحيوان ويدخل فيه النبات والشجر ، يعني أنه سبب لحياة كل شيء والمفسرون يقولون : [ يعني ] أن كل شيء حي فهو مخلوق من الماء . كقوله تعالى : ( والله خلق كل دابة من ماء ) ( النور : 45 ) ، قال أبو العالية : يعني النطفة ، فإن قيل : قد خلق الله بعض ما هو حي من غير الماء؟ قيل : هذا على وجه التكثير ، يعني أن أكثر الأحياء في الأرض مخلوقة من الماء أو بقاؤه بالماء ، ( أفلا يؤمنون )
( وجعلنا في الأرض رواسي ) جبالا ثوابت ، ( أن تميد بهم ) ; [ يعني كي لا تميد بهم ] ( وجعلنا فيها ) في الرواسي : ( فجاجا ) طرقا ومسالك ، والفج : الطريق الواسع [ ص: 317 ] بين الجبلين ، أي : جعلنا بين الجبال طرقا حتى يهتدوا إلى مقاصدهم ، ( سبلا ) تفسير للفجاج ، ( لعلهم يهتدون )