[ ص: 228 ] القول في تأويل وقوموا لله قانتين ( 238 ) ) قوله : (
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى قوله " قانتين " .
فقال بعضهم : معنى " القنوت " ، الطاعة . ومعنى ذلك : وقوموا لله في صلاتكم مطيعين له فيما أمركم به فيها ونهاكم عنه .
ذكر من قال ذلك :
5498 - حدثني علي بن سعيد الكندي قال : حدثنا ، عن عبد الله بن المبارك ابن عون ، عن الشعبي في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .
5499 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ابن عون ، عن الشعبي مثله .
5500 - حدثني ابن حميد قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن واضح أبو المنيب ، عن جابر بن زيد : " وقوموا لله قانتين " يقول : مطيعين . .
5501 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا ابن إدريس ، عن عثمان بن الأسود ، عن عطاء : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .
5502 - حدثنا أحمد بن عبدة الحمصي قال : حدثنا أبو عوانة ، عن ابن بشر ، عن سعيد بن جبير في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .
5503 - حدثنا قال : حدثنا محمد بن بشار عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، [ ص: 229 ] عن الربيع بن أبي راشد ، عن سعيد بن جبير أنه سئل عن " القنوت " فقال : القنوت الطاعة .
5504 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا قال : حدثنا يحيى بن واضح عبيد بن سليمان ، عن الضحاك قال : القنوت ، الذي ذكره الله في القرآن ، إنما يعني به الطاعة .
5505 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : أخبرنا قال : أخبرنا يزيد بن هارون جويبر ، عن الضحاك : " وقوموا لله قانتين " قال : إن أهل كل دين يقومون لله عاصين ، فقوموا أنتم لله طائعين .
5506 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : قوموا لله مطيعين في كل شيء ، وأطيعوه في صلاتكم .
5507 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ قال : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول : " وقوموا لله قانتين " القنوت الطاعة ، يقول : لكل أهل دين صلاة ، يقومون في صلاتهم لله عاصين ، فقوموا لله مطيعين .
5508 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " قانتين " يقول : مطيعين .
5509 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .
5510 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثني شريك ، عن [ ص: 230 ] سالم ، عن سعيد : " وقوموا لله قانتين ، يقول : مطيعين .
5511 - حدثني عمران بن بكار الكلاعي قال : حدثنا خطاب بن عثمان قال : حدثنا أبو روح عبد الرحمن بن سنان السكوني حمصي لقيته بأرمينية قال : سمعت يقول في قوله : " الحسن بن أبي الحسن وقوموا لله قانتين " قال : طائعين .
5512 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " وقوموا لله قانتين " قال : مطيعين .
5513 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
5514 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وقوموا لله قانتين " يقول : مطيعين .
5515 - حدثنا أحمد بن إسحاق قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري قال : حدثنا ، عن فضيل بن مرزوق عطية قال : كانوا يأمرون في الصلاة بحوائجهم ، حتى أنزلت : " وقوموا لله قانتين " فتركوا الكلام . قال : " قانتين " مطيعين .
5516 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا قال : أخبرنا عبيد الله بن موسى فضيل ، عن عطية في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كانوا يتكلمون في الصلاة بحوائجهم حتى نزلت : " وقوموا لله قانتين " فتركوا الكلام في الصلاة .
5517 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ابن عباس في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كان أهل دين يقومون فيها عاصين ، فقوموا أنتم لله مطيعين .
5518 - حدثنا الربيع بن سليمان قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا ابن لهيعة قال : حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى [ ص: 231 ] الله عليه وسلم أنه قال : كل حرف في القرآن فيه " القنوت " فإنما هو الطاعة " .
5519 - حدثنا العباس بن الوليد قال : أخبرني أبي قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال : القنوت طاعة الله ، يقول الله - تعالى ذكره - : " وقوموا لله قانتين " مطيعين .
5520 - حدثنا سعيد بن الربيع قال : حدثنا سفيان قال : قال ابن طاوس : كان أبي يقول : القنوت طاعة الله .
وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، السكوت . وقالوا : تأويل الآية : وقوموا لله ساكتين عما نهاكم الله أن تتكلموا به في صلاتكم .
ذكر من قال ذلك :
5521 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي وقوموا لله قانتين " القنوت ، في هذه الآية ، السكوت .
5522 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط ، عن في خبر ذكره ، عن السدى مرة ، ابن مسعود قال : كنا نقوم في الصلاة فنتكلم ، ويسأل الرجل صاحبه عن حاجته ، ويخبره ، ويردون عليه إذا سلم ، حتى أتيت أنا فسلمت فلم يردوا علي السلام ، فاشتد ذلك علي ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أنا أمرنا أن [ ص: 232 ] نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة ، والقنوت : السكوت . عن
5523 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا الحكم بن ظهير ، عن عاصم ، عن زر ، وقوموا لله قانتين " . عن عبد الله قال : كنا نتكلم في الصلاة ، فسلمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد علي ، فلما انصرف قال : قد أحدث الله أن لا تكلموا في الصلاة ، ونزلت هذه الآية : "
5524 - حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، وحدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن أبي زائدة ، وابن نمير ، ، ووكيع ويعلى بن عبيد جميعا ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الحارث بن شبل ، عن ، أبي عمرو الشيباني قال : كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلم أحدنا صاحبه في الحاجة ، حتى نزلت هذه الآية : " زيد بن أرقم حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " فأمرنا بالسكوت . عن
[ ص: 233 ] 5525 - حدثنا قال : حدثنا هناد بن السري أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : كانوا يتكلمون في الصلاة ، يجيء خادم الرجل إليه وهو في الصلاة فيكلمه بحاجته ، فنهوا عن الكلام .
5526 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة ، عن ، عن الزبير بن عدي كلثوم بن المصطلق ، قال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة ، فأتيته ذات يوم فسلمت فلم يرد علي ، وقال : إن الله يحدث في أمره ما يشاء ، وإنه قد أحدث لكم في الصلاة أن لا يتكلم أحد إلا بذكر الله ، وما ينبغي من تسبيح وتمجيد : " عبد الله بن مسعود وقوموا لله قانتين " . [ ص: 234 ] 5527 - حدثني عن يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : إذا قمتم في الصلاة فاسكتوا ، لا تكلموا أحدا حتى تفرغوا منها . قال : والقانت المصلي الذي لا يتكلم .
وقال آخرون : " القنوت " في هذه الآية ، . وقالوا في تأويل الآية : وقوموا لله في صلاتكم خاشعين ، خافضي الأجنحة ، غير عابثين ولا لاعبين . الركوع في الصلاة والخشوع فيها
ذكر من قال ذلك :
5528 - حدثني سلم بن جنادة قال : حدثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " قال : فمن القنوت طول الركوع ، وغض البصر ، وخفض الجناح ، والخشوع من رهبة الله . كان العلماء إذا قام أحدهم يصلي يهاب الرحمن أن يلتفت ، أو أن يقلب الحصى ، أو يعبث بشيء ، أو يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا .
[ ص: 235 ] 5529 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد نحوه إلا أنه قال : فمن القنوت الركود والخشوع .
5530 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن ليث ، عن مجاهد : " وقوموا لله قانتين " قال : من القنوت الخشوع ، وخفض الجناح من رهبة الله . وكان الفقهاء من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا قام أحدهم إلى الصلاة ، لم يلتفت ، ولم يقلب الحصى ، ولم يحدث نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا حتى ينصرف .
5531 - حدثت عن عمار بن الحسن قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله " وقوموا لله قانتين " قال : إن من القنوت الركود ، ثم ذكر نحوه .
5532 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " وقوموا لله قانتين " قال : القنوت الركود - يعني القيام في الصلاة والانتصاب له .
وقال آخرون : بل " القنوت " في هذا الموضع ، الدعاء . قالوا : تأويل الآية : وقوموا لله راغبين في صلاتكم .
ذكر من قال ذلك :
5533 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا وحدثنا ابن علية ابن بشار قال : حدثنا ابن أبي عدي وعبد الوهاب ومحمد بن جعفر جميعا ، عن عوف ، عن أبي رجاء ، قال : صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة ، فقنت بنا قبل الركوع ، وقال : هذه الصلاة الوسطى التي قال الله : " وقوموا لله قانتين " .
[ ص: 236 ] قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب في تأويل قوله : " وقوموا لله قانتين " قول من قال : تأويله : " مطيعين " .
وذلك أن أصل " القنوت " الطاعة ، وقد تكون الطاعة لله في الصلاة بالسكوت عما نهى الله [ عنه ] من الكلام فيها . ولذلك وجه من وجه تأويل " القنوت " في هذا الموضع ، إلى السكوت في الصلاة أحد المعاني التي فرضها الله على عباده فيها إلا عن قراءة قرآن أو ذكر له بما هو أهله . ومما يدل على أنهم قالوا ذلك كما وصفنا ، قول النخعي ومجاهد الذي : -
5534 - حدثنا به أحمد بن إسحاق الأهوازي قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، ومجاهد قالا : كانوا يتكلمون في الصلاة ، يأمر أحدهم أخاه بالحاجة ، فنزلت " وقوموا لله قانتين " قال : فقطعوا الكلام . و " القنوت " : السكوت ، و " القنوت " الطاعة .
فجعل إبراهيم ومجاهد " القنوت " سكوتا في طاعة الله ، على ما قلنا في ذلك من التأويل .
وقد تكون الطاعة لله فيها بالخشوع ، وخفض الجناح ، وإطالة القيام ، وبالدعاء ، لأن كل [ ذلك ] غير خارج من أحد معنيين : من أن يكون مما أمر به المصلي ، أو مما ندب إليه ، والعبد بكل ذلك لله مطيع ، وهو لربه فيه قانت . و " القنوت " : أصله الطاعة لله ، ثم يستعمل في كل ما أطاع الله به العبد .
فتأويل الآية إذا : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ، وقوموا لله فيها مطيعين ، بترك بعضكم فيها كلام بعض وغير ذلك من معاني الكلام ، سوى قراءة [ ص: 237 ] القرآن فيها ، أو ذكر الله بالذي هو أهله ، أو دعائه فيها ، غير عاصين لله فيها بتضييع حدودها ، والتفريط في الواجب لله عليكم فيها وفي غيرها من فرائض الله .