[ ص: 491 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ( 6 ) )
يقول تعالى ذكره : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله ( قوا أنفسكم ) يقول : علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار ، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله ، واعملوا بطاعة الله .
وقوله : ( وأهليكم نارا ) يقول : وعلموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن رجل ، عن رضى الله عنه في قوله : ( علي بن أبي طالب قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) قال : علموهم ، وأدبوهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : أدبوهم ، علموهم
حدثني الحسين بن يزيد الطحان ، قال : ثنا سعيد بن خثيم ، عن محمد بن خالد الضبي ، عن الحكم ، عن علي بمثله .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) يقول : اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، [ ص: 492 ] عن مجاهد ، في قول الله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال : اتقوا الله ، وأوصوا أهليكم بتقوى الله .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) قال : قال : يقيهم أن يأمرهم بطاعة الله ، وينهاهم عن معصيته ، وأن يقوم عليه بأمر الله ، يأمرهم به ويساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها ، وزجرتهم عنها .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) قال : مروهم بطاعة الله ، وانهوهم عن معصيته .
وقوله : ( وقودها الناس ) يقول : حطبها الذي يوقد على هذه النار بنو آدم وحجارة الكبريت .
وقوله : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) يقول : على هذه النار ملائكة من ملائكة الله ، غلاظ على أهل النار ، شداد عليهم ( لا يعصون الله ما أمرهم ) يقول : لا يخالفون الله في أمره الذي يأمرهم به ( ويفعلون ما يؤمرون ) يقول : وينتهون إلى ما يأمرهم به ربهم .