الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ( 87 ) وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ( 88 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك : من خلقهم ؟ ليقولن : الله خلقنا .

( فأنى يؤفكون ) فأي وجه يصرفون عن عبادة الذي خلقهم ، ويحرمون إصابة الحق في عبادته .

وقوله : ( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) اختلفت القراء في قراءة قوله :

( وقيله ) فقرأته عامة قراء المدينة ومكة والبصرة " وقيله " بالنصب . وإذا قرئ كذلك ذلك ، كان له وجهان في التأويل : أحدهما العطف على قوله : ( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ) ونسمع قيله يا رب . والثاني : أن يضمر له ناصب ، فيكون معناه حينئذ : وقال قوله : ( يارب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم ) [ ص: 656 ] وشكا محمد شكواه إلى ربه . وقرأته عامة قراء الكوفة ( وقيله ) بالخفض على معنى : وعنده علم الساعة ، وعلم قيله .

والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . فتأويل الكلام إذن : وقال محمد قيله شاكيا إلى ربه - تبارك وتعالى - قومه الذين كذبوه ، وما يلقى منهم : يا رب إن هؤلاء الذين أمرتني بإنذارهم وأرسلتني إليهم لدعائهم إليك قوم لا يؤمنون .

كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قال : فأبر الله عز وجل قول محمد - صلى الله عليه وسلم - .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قال : هذا قول نبيكم - عليه الصلاة والسلام - يشكو قومه إلى ربه .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( وقيله يا رب ) قال : هو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( إن هؤلاء قوم لا يؤمنون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية