يقول تعالى ذكره : ( واستكبر ) فرعون ( وجنوده ) في أرض مصر عن تصديق موسى واتباعه على ما دعاهم إليه من توحيد الله ، والإقرار بالعبودية له بغير الحق ، يعني تعديا وعتوا على ربهم ( وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون ) يقول : وحسبوا أنهم بعد مماتهم لا يبعثون ، ولا ثواب ، ولا عقاب ، فركبوا أهواءهم ، ولم يعلموا أن الله لهم بالمرصاد ، وأنه لهم مجاز على أعمالهم الخبيثة .
وقوله : ( فأخذناه وجنوده ) يقول تعالى ذكره : فجمعنا فرعون وجنوده من القبط ( فنبذناهم في اليم ) يقول : فألقيناهم جميعهم في البحر فغرقناهم فيه ، كما قال أبو الأسود الدؤلي :
نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا
وذكر أن ذلك بحر من وراء مصر ، كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( فنبذناهم في اليم ) قال : كان اليم بحرا يقال له إساف من وراء مصر غرقهم الله فيه .
وقوله : ( فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) يقول تعالى ذكره : فانظر يا محمد بعين قلبك : كيف كان أمر هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم فكفروا بربهم ، وردوا على رسوله نصيحته ، ألم نهلكهم فنورث ديارهم وأموالهم أولياءنا ، ونخولهم ما كان لهم من جنات وعيون ، وكنوز ومقام كريم ، بعد أن كانوا مستضعفين ، تقتل أبناؤهم ، وتستحيا نساؤهم ، فإنا كذلك بك وبمن آمن بك وصدقك فاعلون ، مخولوك وإياهم ديار من كذبك ، ورد عليك ما أتيتهم به من الحق وأموالهم ، ومهلكوهم قتلا بالسيف ، سنة الله في الذين خلوا من قبل .