قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلا جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى [ ص: 141 ] قوله تعالى : قالوا يعني السحرة
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72لن نؤثرك أي لن نختارك
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72على ما جاءنا من البينات قال
ابن عباس : يريد من اليقين والعلم . وقال
عكرمة وغيره : لما سجدوا أراهم الله في سجودهم منازلهم في الجنة ؛ فلهذا قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72لن نؤثرك . وكانت
امرأة فرعون تسأل من غلب ، فقيل لها : غلب
موسى وهارون ؛ فقالت : آمنت برب
موسى وهارون . فأرسل إليها
فرعون فقال : انظروا أعظم صخرة فإن مضت على قولها فألقوها عليها ؛ فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء فأبصرت منزلها في الجنة ، فمضت على قولها فانتزع روحها ، وألقيت الصخرة على جسدها وليس في جسدها روح . وقيل : قال مقدم السحرة لمن يثق به لما رأى من عصا
موسى ما رأى : انظر إلى هذه الحية هل تخوفت فتكون جنيا أو لم تتخوف فهي من صنعة الصانع الذي لا يعزب عليه مصنوع ؛ فقال : ما تخوفت ؛ فقال : آمنت برب
هارون وموسى .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72والذي فطرنا قيل : هو معطوف على ما جاءنا من البينات أي لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات ولا على الذي فطرنا أي خلقنا . وقيل : هو قسم أي والله لن نؤثرك .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72فاقض ما أنت قاض التقدير ما أنت قاضيه . وليست ما هاهنا التي تكون مع الفعل بمنزلة المصدر ؛ لأن تلك توصل بالأفعال ، وهذه موصولة بابتداء وخبر . قال
ابن عباس : فاصنع ما أنت صانع . وقيل : فاحكم ما أنت حاكم ؛ أي من القطع والصلب . وحذفت الياء من قاض في الوصل لسكونها وسكون التنوين . واختار
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه إثباتها في الوقف لأنه قد زالت علة الساكنين .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=72إنما تقضي هذه الحياة الدنيا أي إنما ينفذ أمرك فيها . وهي منصوبة على الظرف ، والمعنى : إنما تقضي في متاع هذه الحياة الدنيا . أو وقت هذه الحياة الدنيا ، فتقدر حذف المفعول . ويجوز أن يكون التقدير : إنما تقضي أمور هذه الحياة الدنيا ، فتنتصب انتصاب المفعول وما كافة لإن . وأجاز
الفراء الرفع على أن تجعل ما بمعنى الذي وتحذف الهاء من تقضي ورفعت هذه الحياة الدنيا . إنا آمنا بربنا أي صدقنا بالله وحده لا شريك له وما جاءنا به
موسى .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73ليغفر لنا خطايانا يريدون الشرك الذي كانوا عليه .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73وما أكرهتنا عليه من السحر ما في موضع نصب معطوفة على الخطايا . وقيل : لا موضع لها وهي نافية ؛ أي ليغفر لنا خطايانا من السحر وما أكرهتنا عليه .
النحاس : والأول أولى .
المهدوي : وفيه
[ ص: 142 ] بعد ؛ لقولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=113إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين وليس هذا بقول مكرهين ؛ ولأن الإكراه ليس بذنب ، وإن كان يجوز أن يكونوا أكرهوا على تعليمه صغارا . قال
الحسن : كانوا يعلمون السحر أطفالا ثم عملوه مختارين بعد . ويجوز أن يكون ما في موضع رفع بالابتداء ويضمر الخبر ، والتقدير : وما أكرهتنا عليه من السحر موضوع عنا . و
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73من السحر على هذا القول والقول الأول يتعلق ب ( أكرهتنا ) . وعلى أن ما نافية يتعلق ب ( خطايانا ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=73والله خير وأبقى أي ثوابه خير وأبقى فحذف المضاف ؛ قاله
ابن عباس . وقيل : الله خير لنا منك وأبقى عذابا لنا من عذابك لنا . وهو جواب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى وقيل : الله خير لنا إن أطعناه ، وأبقى عذابا منك إن عصيناه .
nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74إنه من يأت ربه مجرما قيل : هو من قول السحرة لما آمنوا . وقيل ابتداء كلام من الله - عز وجل - . والكناية في إنه ترجع إلى الأمر والشأن . ويجوز إن من يأت ، ومنه قول الشاعر [
الأخطل ] :
إن من يدخل الكنيسة يوما يلق فيها جآذرا وظباء
أراد إنه من يدخل ؛ أي إن الأمر هذا ؛ أن المجرم يدخل النار ، والمؤمن يدخل الجنة . والمجرم : الكافر . وقيل : الذي يقترف المعاصي ويكتسبها . ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74من يأت ربه مجرما من يأت موعد ربه .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=74فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا وهذه صفة الكافر المكذب الجاحد - على ما تقدم بيانه في سورة ( النساء ) وغيرها - فلا ينتفع بحياته ولا يستريح بموته . قال الشاعر :
ألا من لنفس لا تموت فينقضي شقاها ولا تحيا حياة لها طعم
وقيل : نفس الكافر معلقة في حنجرته كما أخبر الله تعالى عنه فلا يموت بفراقها ، ولا يحيا باستقرارها . ومن يأته مؤمنا أي يمت عليه ويوافيه مصدقا به . قد عمل الصالحات أي وقد عمل الصالحات أي الطاعات وما أمر به ونهي عنه .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=75فأولئك لهم الدرجات العلا أي الرفيعة التي قصرت دونها الصفات . ودل قوله : ومن يأته مؤمنا على أن المراد بالمجرم المشرك .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76جنات عدن بيان للدرجات وبدل منها ، والعدن الإقامة . وقد تقدم بيانه تجري من تحتها أي من تحت غرفها وسررها الأنهار من الخمر والعسل واللبن
[ ص: 143 ] والماء . وقد تقدم خالدين فيها أي ماكثين دائمين .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=76وذلك جزاء من تزكى أي من تطهر من الكفر والمعاصي . ومن قال هذا من قول السحرة قال : لعل السحرة سمعوه من
موسى أو من
بني إسرائيل إذ كان فيهم
بمصر أقوام ، وكان فيهم أيضا المؤمن من آل
فرعون .
قلت : ويحتمل أن يكون ذلك إلهاما من الله لهم أنطقهم بذلك لما آمنوا ؛ والله أعلم .