القول في تأويل قوله تعالى : ( من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ( 15 ) ) [ ص: 402 ]
يقول تعالى ذكره : من استقام على طريق الحق فاتبعه ، وذلك دين الله الذي ابتعث به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عليه وسلم ( فإنما يهتدي لنفسه ) يقول : فليس ينفع بلزومه الاستقامة ، وإيمانه بالله ورسوله غير نفسه ( ومن ضل ) يقول : ومن جار عن قصد السبيل ، فأخذ على غير هدى ، وكفر بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من عند الله من الحق ، فليس يضر بضلاله وجوره عن الهدى غير نفسه ، لأنه يوجب لها بذلك غضب الله وأليم عذابه . . وإنما عنى بقوله ( فإنما يضل عليها ) فإنما يكسب إثم ضلاله عليها لا على غيرها ، وقوله ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) يعني تعالى ذكره : ولا تحمل حاملة حمل أخرى غيرها من الآثام . وقال ( وازرة وزر أخرى ) لأن معناها : ولا تزر نفس وازرة وزر نفس أخرى يقال منه : وزرت كذا أزره وزرا ، والوزر : هو الإثم ، يجمع أوزارا ، كما قال تعالى ( ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم ) وكأن معنى الكلام : ولا تأثم آثمة إثم أخرى ، ولكن على كل نفس إثمها دون إثم غيرها من الأنفس .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) والله ما يحمل الله على عبد ذنب غيره ، ولا يؤاخذ إلا بعمله .
وقوله ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) يقول تعالى ذكره : وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل ، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) : إن الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خبرا ، أو يأتيه من الله بينة ، وليس معذبا أحدا إلا بذنبه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن قال : إذا كان يوم القيامة ، جمع الله تبارك وتعالى نسم الذين ماتوا في الفترة والمعتوه والأصم والأبكم ، والشيوخ الذين جاء الإسلام وقد خرفوا ، ثم أرسل رسولا أن ادخلوا النار ، فيقولون : كيف ولم يأتنا رسول ، وايم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما ، ثم يرسل إليهم ، فيطيعه [ ص: 403 ] من كان يريد أن يطيعه قبل; قال أبي هريرة ، : اقرءوا إن شئتم ( أبو هريرة وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن همام ، عن نحوه . أبي هريرة