القول في قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم ( 76 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : وهذا أيضا احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم على النصارى القائلين في المسيح ما وصف من قيلهم فيه قبل .
يقول تعالى ذكره لمحمد صلى الله عليه وسلم : "قل " ، يا محمد ، لهؤلاء الكفرة من النصارى ، الزاعمين أن المسيح ربهم ، والقائلين إن الله ثالث ثلاثة : أتعبدون سوى الله الذي يملك ضركم ونفعكم ، وهو الذي خلقكم ورزقكم ، وهو يحييكم ويميتكم شيئا لا يملك لكم ضرا ولا نفعا؟ يخبرهم تعالى ذكره أن المسيح الذي زعم من زعم من النصارى أنه إله ، والذي زعم من زعم منهم أنه لله ابن ، لا يملك لهم ضرا يدفعه عنهم إن أحله الله بهم ، ولا نفعا يجلبه إليهم إن لم يقضه الله لهم . يقول تعالى ذكره : فكيف يكون ربا وإلها من كانت هذه صفته؟ بل الرب [ ص: 487 ] المعبود : الذي بيده كل شيء ، والقادر على كل شيء . فإياه فاعبدوا وأخلصوا له العبادة ، دون غيره من العجزة الذين لا ينفعونكم ولا يضرون .
وأما قوله : "والله هو السميع العليم " فإنه يعني تعالى ذكره بذلك : " والله هو السميع " ، لاستغفارهم لو استغفروه من قيلهم ما أخبر عنهم أنهم يقولونه في المسيح ، ولغير ذلك من منطقهم ومنطق خلقه " العليم " ، بتوبتهم لو تابوا منه ، وبغير ذلك من أمورهم .