قوله تعالى : بين حال الفريقين ، وأنه تعبد العقلاء وكلفهم ومكنهم مما أمرهم ، فمن كفر فله العقاب ، ومن وحد وشكر فله الثواب . والسلاسل : القيود في جهنم طول كل سلسلة سبعون ذراعا كما مضى في ( الحاقة ) . وقرأ إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا نافع والكسائي وأبو بكر عن عاصم وهشام عن ابن عامر سلاسلا منونا . الباقون بغير تنوين . ووقف قنبل وابن كثير وحمزة بغير ألف . الباقون بالألف . فأما قوارير الأول فنونه نافع وابن كثير والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، ولم ينون الباقون . ووقف فيه يعقوب وحمزة بغير ألف . والباقون بالألف . وأما قوارير الثانية فنونه أيضا نافع والكسائي وأبو بكر ، ولم ينون الباقون . فمن نون قرأها بالألف ، ومن لم ينون أسقط منها الألف ، واختار أبو عبيد التنوين في الثلاثة ، والوقف بالألف اتباعا لخط المصحف ; قال : رأيت في مصحف عثمان " سلاسلا " بالألف و ( وقواريرا ) الأول بالألف ، وكان الثاني مكتوبا بالألف فحكت فرأيت أثرها هناك بينا . فمن صرف فله أربع حجج : أحدها : أن الجموع أشبهت الآحاد فجمعت جمع الآحاد ، فجعلت في حكم الآحاد فصرفت . الثانية : أن الأخفش حكى عن العرب صرف جميع ما لا ينصرف إلا أفعل منك ، وكذا قال الكسائي والفراء : هو على لغة من يجر الأسماء كلها إلا قولهم هو أظرف منك فإنهم لا يجرونه ; وأنشد ابن الأنباري في ذلك قول عمرو بن كلثوم :
كأن سيوفنا فينا وفيهم مخاريق بأيدي لاعبينا
وقال لبيد :وجزور أيسار دعوت لحتفها بمغالق متشابه أجسامها
فضلا وذو كرم يعين على الندى سمح كسوب رغائب غنامها
وأغلالا جمع غل تغل بها أيديهم إلى أعناقهم . وعن عن جبير بن نفير كان يقول : ارفعوا هذه الأيدي إلى الله - جل ثناؤه - قبل أن تغل بالأغلال . قال أبي الدرداء الحسن : إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار ; لأنهم أعجزوا الرب سبحانه ولكن إذلالا . ( وسعيرا ) تقدم القول فيه .