قوله تعالى : يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد .
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله أي المحتاجون إليه في بقائكم وكل أحوالكم . قوله تعالى : : فإن قلت لم عرف الفقراء ؟ قلت : قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم ؛ لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله : الزمخشري وخلق الإنسان ضعيفا ، وقال : الله الذي خلقكم من ضعف ولو نكر لكان المعنى : أنتم بعض الفقراء .
فإن قلت : قد قوبل الفقراء ب ( الغني ) فما فائدة ( الحميد ) ؟ قلت : لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم ، وليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما ، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحمد - ذكر ( الحميد ) ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم ، المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه . وتخفيف الهمزة الثانية أجود الوجوه عند الخليل ، ويجوز تخفيف الأولى وحدها وتخفيفهما وتحقيقهما جميعا . والله هو الغني الحميد تكون ( هو ) زائدة ، فلا يكون لها موضع من الإعراب ، وتكون مبتدأة فيكون موضعها رفعا .