ألم تر أن الله يزجي سحابا ذكر من حججه شيئا آخر ؛ أي ألم تر بعيني قلبك . قوله تعالى : يزجي سحابا أي يسوق إلى حيث يشاء . والريح تزجي السحاب ، والبقرة تزجي ولدها أي تسوقه . ومنه زجا الخراج يزجو زجاء ( ممدودا ) إذا تيسرت جبايته . وقال النابغة :
إني أتيتك من أهلي ومن وطني أزجي حشاشة نفس ما بها رمق
وقال أيضا :أسرت عليه من الجوزاء سارية تزجي الشمال عليه جامد البرد
. . . بين الدخول فحومل
فأوقع ( بين ) على الدخول ، وهو واحد لاشتماله على مواضع . وكما تقول : ما زلت أدور بين الكوفة لأن الكوفة أماكن كثيرة ؛ قاله الزجاج وغيره . وزعم الأصمعي أن هذا لا يجوز ، وكان يروى :. . . بين الدخول وحومل
ثم يجعله ركاما أي مجتمعا ، يركب بعضه بعضا ؛ كقوله تعالى : وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم [ ص: 268 ] . والركم جمع الشيء ؛ يقال منه : ركم الشيء يركمه ركما إذا جمعه وألقى بعضه على بعض . وارتكم الشيء وتراكم إذا اجتمع . والركمة الطين المجموع . والركام : الرمل المتراكم . وكذلك السحاب وما أشبهه . ومرتكم الطريق - ( بفتح الكاف ) - جادته . فترى الودق يخرج من خلاله في الودق قولان : أحدهما : أنه البرق ؛ قاله أبو الأشهب العقيلي . ومنه قول الشاعر :
أثرنا عجاجة وخرجن منها خروج الودق من خلل السحاب
فلا مزنة ودقت ودقها ولا أرض أبقل إبقالها
فدمعهما ودق وسح وديمة وسكب وتوكاف وتنهملان
وما كادت إذا رفعت سناها ليبصر ضوءها إلا البصير
يضيء سناه أو مصابيح راهب أهان السليط في الذبال المفتل