[ ص: 485 ] المأمون ] [198 - 218 هـ ] [خلافة
عبد الله أبو العباس بن الرشيد ، ولد سنة سبعين ومائة ، في ليلة الجمعة ، منتصف ربيع الأول; وهي الليلة التي مات فيها واستخلف أبوه وأمه أم ولد اسمها الهادي مراجل ، ماتت في نفاسها به ، وقرأ العلم في صغره .
وسمع الحديث من أبيه ، وهشيم ، وعباد بن العوام ، ويوسف بن عطية ، وأبي معاوية الضرير ، وإسماعيل بن علية ، وحجاج الأعور ، وطبقتهم .
وأدبه اليزيدي ، وجمع له الفقهاء من الآفاق ، وبرع في الفقه ، والعربية ، وأيام الناس ولما كبر . . . عني بالفلسفة وعلوم الأوائل ومهر فيها; فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن .
روى عنه : ولده الفضل ، ، ويحيى بن أكثم وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، والأمير عبد الله بن طاهر ، وأحمد بن الحارث الشيعي ، ودعبل الخزاعي ، وآخرون .
وكان من رجال بني العباس حزما وعزما ، وحلما وعلما ، ورأيا ودهاء ، وهيبة وشجاعة ، وسؤددا وسماحة ، وله محاسن وسيرة طويلة لولا ما أتاه من محنة الناس في ، ولم يل الخلافة من القول بخلق القرآن بني العباس أعلم منه ، وكان فصيحا مفوها .
وكان يقول : بعمره ، (معاوية وعبد الملك بحجاجه ، وأنا بنفسي ) .
[ ص: 486 ] وكان يقال : (لبني العباس : فاتحة ، وواسطة ، وخاتمة ، فالفاتحة : ، والواسطة : السفاح ، والخاتمة : المأمون ) . المعتضد
وقيل : (إنه ختم في بعض الرمضانات ثلاثا وثلاثين ختمة ) .
وكان معروفا بالتشيع ، وقد حمله ذلك على خلع أخيه المؤتمن ، والعهد بالخلافة إلى علي الرضا كما سنذكره .
قال أبو معشر المنجم : (كان أمارا بالعدل ، فقيه النفس ، يعد من كبار العلماء ) . المأمون
وعن قال : (إني لأعرف في الرشيد عبد الله : حزم ، ونسك المنصور ، وعزة المهدي ، ولو أشاء أن أنسبه إلى الرابع - يعني نفسه - لنسبته ، وقد قدمت الهادي محمدا عليه وإني لأعلم أنه منقاد إلى هواه ، مبذر لما حوته يده ، يشاركه في رأيه الإماء والنساء ، ولولا أم جعفر وميل بني هاشم إليه . . . لقدمت عبد الله عليه ) .
استقل بالأمر بعد قتل أخيه : سنة ثمان وتسعين وهو المأمون بخراسان ، واكتنى بأبي جعفر .
قال : (وكانوا يحبون هذه الكنية; لأنها كنية الصولي ، وكان لها في نفوسهم جلالة وتفاؤل بطول عمر من كني بها; المنصور كالمنصور ) . والرشيد
ففي هذه السنة . . . .