وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عاصم بن ثابت ، وأصحابهما المقتولين وخبيب بن عدي بالرجيع الآتي ذكره في السرايا والبعوث . وجدا شديدا ، فأظهر أنه يريد الشام ، ليصيب من القوم غرة ، فعسكر من ناحية الجرف ، وخرج في مائتي رجل ، ومعهم عشرون فرسا .
قال محمد بن عمر ، وابن سعد ، وابن هشام : واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم .
فخرج من المدينة فسلك على غراب ثم على محيص ثم على البتراء ، ثم صفق ذات اليسار ، فخرج على يين ثم على صخيرات الثمام ، ثم استقام به الطريق على السيالة ، فأغذ السير سريعا حتى نزل بطن غران وبينها وبين عسفان خمسة أميال حيث كان مصاب أصحابه فترحم عليهم ، ودعا لهم فسمعت به بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال فلم يقدر منهم على أحد ، فأقام يوما أو يومين ، فبعث السرايا في كل ناحية ، فلم يقدروا على أحد .
فلما أخطأه من غرتهم ما أراد ، قال : «لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة»
فهبط في أصحابه حتى نزلوا عسفان . قال : ثم بعث فارسين ، وقال ابن ابن إسحاق ، عمر وابن سعد : بعث - رضي الله عنه - في عشرة فوارس لتسمع به أبا بكر قريش فيذعرهم ، فأتوا كراع الغميم ، ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا وراح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قافلا
فيما رواه جابر ابن سعد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول حين رجع : «آئبون تائبون - إن شاء الله تعالى - لربنا حامدون» قال
وفي رواية . زاد «لربنا عابدون ، أعوذ بالله من وعثاء السفر ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر في الأهل والمال» محمد بن عمر : «اللهم بلغنا بلاغا صالحا يبلغ إلى خير مغفرتك ورضوانك»
قالوا : وهذا أول ما قال هذا الدعاء .
وغاب صلى الله عليه وسلم عن المدينة أربع عشرة ليلة ، وقال - رضي الله عنه - في هذه الغزوة : كعب بن مالك
لو أن بني لحيان كانوا تناظروا لقوا عصبا في دارهم ذات مصدق لقوا سرعان يملأ السرب روعه
أمام طحون كالمجرة فيلق ولكنهم كانوا وبارا تتبعت
شعاب حجان غير ذي متنفق