قال اتفقوا على أن أبو عمر : خديجة أول من آمن .
وقال أبو الحسن بن الأثير : خديجة أول خلق الله أسلم بإجماع المسلمين ، لم يتقدمها رجل ولا امرأة وأقره الذهبي . وقال أول من أسلم من هذه الأمة برسول الله صلى الله عليه وسلم : محمد بن كعب القرظي : رضي الله تعالى عنها . رواه البيهقي . خديجة
وروى عن الدولابي قتادة قالا : كانت والزهري أول من آمن بالله ورسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء والرجال . خديجة
وحكى الإمام اتفاق العلماء على ذلك ، وإنما اختلافهم في أول من أسلم بعدها . الثعلبي
وقال النووي : إنه الصواب عند جماعة من المحققين .
وقال وآمنت به ابن إسحاق : وصدقت بما جاء به من الله . ووازرته على أمره ، فكانت أول من آمن بالله ورسوله وصدق بما جاء به ، فخفف الله بذلك عن رسوله ، لا يسمع بشيء يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس . يرحمها الله تعالى . خديجة بنت خويلد
وقال أجمع أصحابنا أن أول المسلمين استجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة . الواقدي :
قال ثم كان ابن إسحاق : وصدق بما جاءه من الله أول ذكر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ، يصليان سرا ثم إن وخديجة جاء بعد ذلك بيوم فوجدهما يصليان علي بن أبي طالب
فقال ما هذا يا علي : محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دين الله الذي اصطفى لنفسه وبعث به رسله فأدعوك إلى الله وحده لا شريك له وإلى عبادته وكفر باللات والعزى . فقال هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم ، فلست بقاض أمرا حتى أحدث به علي : أبا طالب . وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفشى عليه سره قبل أن يستعلن أمره ، فقال له : يا إذا لم تسلم فاكتم هذا . فمكث علي تلك الليلة ، ثم إن الله تبارك وتعالى أوقع في قلب علي الإسلام فأصبح غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فقال : ماذا عرضت علي يا [ ص: 301 ] علي
محمد : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وتكفر باللات والعزى وتبرأ من الأنداد .
ففعل رضي الله تعالى عنه وأسلم ، فمكث علي يأتيه على خوف من علي أبي طالب وكتم إسلامه ولم يظهره .
قال وكان مما أنعم الله على مجاهد : أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام ، لما أراد الله به الخير ، وذلك أن علي قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه : وكان من أيسر للعباس بني هاشم : يا إن أخاك عباس أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق فخفف عنه من عياله فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له : إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه ، فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما .
قال ابن هشام : ويقال : عقيلا وطالبا ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمه إليه ، وأخذ عليا العباس جعفرا فضمه إليه ، فلم يزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله نبيا فاتبعه وصدقه ، ولم يزل علي جعفر عند حتى أسلم واستغنى عنه . العباس
قال وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب ابن إسحاق : مكة وخرج معه مستخفيا من عمه علي بن أبي طالب أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلاة فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا ،
ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ابن أخي ما هذا الذي تدين به ، قال : أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ورسله ودين أبينا إبراهيم- أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- بعثني الله به رسولا إلى العباد وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه . أو كما قال . فقال أبو طالب : أي ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه ، ولكن والله لا يخلص إليك شيء تكرهه ما بقيت .
وذكروا أنه قال أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال : يا أبت آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقت بما جاء به وصليت معه ، فزعموا أنه قال له : أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه . [ ص: 302 ] لعلي :
وروى عن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه قال : علي ظهر علينا أبو طالب وأنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا تصنعان؟ فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال : ما بالذي تقول من بأس ، ولكن والله لا تعلوني استي أبدا .
وروى عن البيهقي قال : أول من أسلم من هذه الأمة محمد بن كعب القرظي وأول رجلين أسلما : خديجة أبو بكر وأسلم علي قبل أبي بكر ، وكان علي يكتم إيمانه خوفا من أبيه حتى لقيه أبوه قال : أسلمت؟ قال : نعم . قال : وازر ابن عمك وانصره . وعلي ،
قال : وكان أبو بكر أول من أظهر الإسلام .
وروى واستغربه الترمذي عن وابن جرير قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء . جابر
وروى عن ابن جرير قال : أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عل علي بن أبي طالب . زيد بن أرقم
قال وقد روي عن أبو عمر : سلمان والمقداد وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري أن وزيد بن أرقم أول من أسلم . وبذلك قال علي بن أبي طالب ابن إسحاق إلا أنه قال : من الرجال بعد والزهري وهو قول الجميع في خديجة . خديجة .
قال ثم أسلم ابن إسحاق : زيد بن حارثة بن شراحيل- بفتح الشين المعجمة والراء فألف فحاء مهملة مكسورة فمثناة تحتية فلام- ابن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب .
قال ثم أسلم ابن إسحاق : أبو بكر بن أبي قحافة .
روى عن البيهقي ابن إسحاق أن رضي الله تعالى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبا بكر
أحق ما تقول قريش يا محمد من تركك آلهتنا وتسفيهك عقولنا وتكفيرك إيانا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بلى إني رسول الله ونبيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك إلى الله بالحق ، فو الله إنه لحق فأدعوك يا إلى الله وحده لا شريك له ولا تعبد غيره والموالاة على طاعته . وقرأ عليه القرآن فلم يعز ولم ينكر بل أسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد وأقر بحق الإسلام ، ثم رجع إلى أهله وقد آمن وصدق أبا بكر .
قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عكم عنه حين ذكرته له ولا تردد . [ ص: 303 ] ابن إسحاق :
الكبوة- بكاف مفتوحة فموحدة ساكنة فواو فتاء تأنيث : قال يعني تأخرا وقلة إجابة من قولهم كبا الزند : إذا لم يور نارا . أبو ذر :
ما عكم- بعين مهملة فكاف مفتوحتين : أي ما تلبث بل أجاب بسرعة .
قال وذلك لما كان يرى من دلائل نبوته ويسمع بشأنه قبل دعوته ، فلما دعاه وقد سبق فيه تفكره ونظره أسلم على الفور . البيهقي :
قال السهيلي رحمه الله تعالى : وكان من أسباب ذلك توفيق الله تعالى إياه فيما ذكروا أنه رأى رؤيا قبل ، وذلك أنه رأى القمر نزل إلى مكة ثم رآه قد تفرق على جميع منازل مكة وبيوتها فدخل في كل بيت شعبة ، ثم كان جميعه في حجره . فقصها على بعض أهل الكتابين فعبرها له بأن النبي صلى الله عليه وسلم- المنتظر قد أظل زمانه ، اتبعه وتكون أسعد الناس به ، فلما دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف .
وروى في صفوة الصفوة عن ابن الجوزي قال : قال الشعبي ابن عباس : وتمثل بأبيات أول من صلى أبو بكر رضي الله تعالى عنه : حسان بن ثابت
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا خير البرية أتقاها وأفضلها
بعد النبي وأوفاها بما حملا والثاني التالي المحمود مشهده
وأول الناس منهم صدق الرسلا .
وفيه دليل على أنه أول من أسلم .
وقال إبراهيم النخعي : رواه الإمام أول من أسلم أبو بكر . وصححه . أحمد
قال ابن كثير : قول هو المشهور عند جمهور أهل السنة . النخعي
وقال المحب الطبري تبعا لأبي عمرو بن الصلاح : الأولى التوفيق بين الروايات كلها وتصديقها فيقال : أول من أسلم مطلقا : وأول ذكر أسلم خديجة . وهو صبي لم يبلغ ، وكان مخفيا إسلامه ، وأول رجل عربي أسلم وأظهر إسلامه علي بن أبي طالب أبو بكر بن أبي قحافة ، وأول من أسلم من الموالي : زيد . وقال : هذا متفق عليه لا خلاف فيه ، وعليه يحمل قول وغيره : أول من أسلم من الرجال علي أي من الرجال البالغين . أبو بكر .
ويؤيده ما رواه خيثمة في فضائل الصحابة عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه قال : إن سبقني إلى أربع لم أعتض بشيء منهن : سبقني إلى إفشاء الإسلام ، [ ص: 304 ] وقدم الهجرة ، ومصاحبته في الغار ، وأقام الصلاة وأنا يومئذ بالشعب يظهر إسلامه وأخفيه . الحديث . أبا بكر
وجمع بعض المحققين بين الاختلاف بالنسبة إلى علي وأبي بكر بأن أبا بكر أول من أظهر إسلامه ، وأن عليا أول من أسلم بعد خديجة ، ويحققه ما مر .
وقيل : ومن يمنع يدعي أنه أدرك نبوته عليه الصلاة والسلام لا رسالته ، لكن جاء كما تقدم في بدء الوحي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم ، وأنك على مثل ناموس أول رجل أسلم ورقة بن نوفل . موسى ، وأنك نبي مرسل ، وأنك ستؤمر بالجهاد ، وإن أدركت ذلك لأجاهدن معك . فهذا تصريح منه بتصديقه برسالة محمد صلى الله عليه وسلم .
قال البلقيني : بل يكون بذلك أول من أسلم من الرجال . وعلى ذلك جرى الحافظ أبو الفضل العراقي في نكته على كتاب ابن الصلاح .
وقيل : إن أسلم قبل خالد بن سعيد رضي الله تعالى عنهما . علي
تنبيه : في بيان غريب ما سبق .
وازرته كذا في نسخ السيرة . وقال الجوهري : الأزر : القوة إلى أن قال : آزرت فلانا : عاونته ، والعامة تقول : وازرته .
الحجر : بفتح الحاء وكسرها .
أزمة- بفتح الهمزة ثم زاي ساكنة : وهي الشدة والقحط ، يقال أصابتهم سنة أزمتهم أي استأصلتهم . وأزم عليه الدهر يأزم أزما اشتد وقل خيره .
الشعاب - بكسر الشين المعجمة : جمع شعب بكسرها أيضا ، وهو ما انفرج بين الجبلين . وقيل هو الطريق في الجبل .
عثر عليهما ، بفتح الثاء المثلثة : اطلع .
لا يخلص ، بالبناء للمفعول : أي لا يصل إليكم أحد بسوء .
الشجو : الهم والحزن ، هذا أصله قال في الرياض النضرة : هذا أصله ولا أرى له وجها هنا إلا أن يريد به ما كابده أبو بكر رضي الله تعالى عنه ، فأطلق عليه شجوا لاقتضائه ذلك ، أو أراد حزن أبي بكر مما جرى على النبي صلى الله عليه وسلم .
النواجذ : جمع ناجذ بالجيم والذال المعجمة وهو آخر الأضراس . [ ص: 305 ]