الباب العشرون
في صفة عيشه في الدنيا صلى الله عليه وسلم
روى الإمام أحمد ، والبخاري ، عن ومسلم رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة كان يأتي علينا الشهر وما نوقد فيه نارا ، إنما هو التمر والماء ، إلا أن نؤتى باللحم .
وفي رواية : وفي رواية : ما شبع آل محمد من خبز بر ثلاثة . وفي رواية : أيام متتابعات ، حتى قبض صلى الله عليه وسلم . وفي رواية : ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلا إحداهما تمر . لعروة : يا ابن أختي ، إنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين ، وما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، قلت : يا خالة فما كان يعيشكم ؟ قالت : الأسودان : التمر والماء ، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار ، وكانت لهم منائح ، وكانوا يرسلون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانها ، فيسقيناه . أنها كانت تقول
وفي رواية قالت : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الأسودين ، التمر والماء .
وفي رواية ، قالت : ما شبعنا من الأسودين التمر والماء .
وفي رواية لمسلم ، والإمام أحمد وابن سعد ، قالت : والله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين .
وفي رواية عند الإمام أحمد لعروة : وايم الله ، يا ابن أختي إن كان يمر على آل محمد الشهر لم يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار ، لا يكون إلا أن حوالينا أهل دور من الأنصار -جزاهم الله خيرا في الحديث والقديم- فكل يوم يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزيرة شياههم ، فينال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، ولقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في رفي من طعام يأكله ذو كبد إلا قريبا من شطر شعير ، فأكلت منه حتى طال علي ، لا تغني وكلته عني ، فيا ليتني لم آكله ، وايم الله : وكان ضجاعه من أدم حشوه ليف . أنها كانت تقول
وروى عنها قالت : ابن عساكر ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم غداء لعشاء ، ولا عشاء لغداء قط ، ولا اتخذ من شيء زوجين لا قميصين ، ولا رداءين ، ولا إزارين ، ولا من النعال ، ولا رئي فارغا قط في بيته ، إما يخصف نعلا لرجل مسكين أو يخيط ثوبا لأرملة .
وروى الإمام أحمد والبخاري ومسلم ، عن والترمذي رضي الله تعالى عنه قال : أبي هريرة والذي نفسي بيده ، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة ، حتى فارق الدنيا .
[ ص: 93 ] وروى رضي الله تعالى عنه قال : الترمذي ما كان يفضل عند أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير .
وروى برجال ثقات غير الإمام أحمد سليمان بن رومان بنحو رجاله عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة محمدا بالحق نبيا ما رأى منخلا ، ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله إلى أن قبض ، قيل ، كيف كنتم تصنعون ؟ قالت : كنا نقول أف أف . والذي بعث
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنه قال : أبي الدرداء لم يكن ينخل لرسول الله صلى الله عليه وسلم دقيق قط .
وروى -بسند جيد- عن البزار رضي الله تعالى عنه قال عبد الرحمن بن عوف خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الدنيا ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير .
وروى عن الطبراني رضي الله تعالى عنه قال : سهل بن سعد ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شبعتين حتى فارق الدنيا .
وروى برجال الصحيح غير أبو يعلى طلحة النضري مولى -فيجر رجاله- عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قميص القطن .
وروى في الأوسط -بسند حسن- عنها قالت : الطبراني وفي رواية عنه : ما كان يبقى على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير قليل ولا كثير . ما رفعت مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه وعليها فضلة من طعام قط .
وروى البخاري ومسلم عنها قالت : والبيهقي ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا حتى مضى لسبيله .
وروى الإمام أحمد ، وابن سعد -وصححه- عن والترمذي رضي الله تعالى عنهما ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبيت الليالي المتتابعة طاويا ، وأهله لا يجدون عشاء ، وكان عامة خبزهم خبز الشعير .
[ ص: 94 ] وروى الإمام أحمد وابن سعد -وصححه- عن والترمذي رضي الله تعالى عنه قال : أبي أمامة ما كان يفضل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير .
وروى عن البخاري رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة محمد صلى الله عليه وسلم في يوم أكلتين إلا إحداهما تمر . وفي رواية : ما أكل محمد من خبز مأدوم حتى لقي الله تعالى . ما شبع
وروى مسلم عن والبيهقي قال : سمعت سماك بن حرب يقول : النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه يقول : لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم يلتوي من الجوع ، وما يجد من الدقل ما يملأ بطنه . ابن الخطاب ألستم في طعام وشراب ما شئتم ، لقد سمعت
وروى عن الإمام أحمد عمران بن حصين : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز مأدوم حتى مضى لسبيله .
وروى عنه قال : الطبراني ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غداء وعشاء حتى لقي ربه .
وروى الإمام أحمد ، وابن سعد وأبو داود ، والحارث بن أبي أسامة -برجال ثقات- عن رضي الله تعالى عنه أنس بن مالك فاطمة رضي الله تعالى عنها جاءت بكسرة خبز إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «ما هذه الكسرة ؟ » قالت : قرصة خبزتها ، فلم تطب نفسي إلا أن آتيك بهذه الكسرة ، فقال : «أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام» . أن
وروى عن البيهقي ابن مسعود ، وأبو داود الطيالسي ، وابن سعد عن قال واثلة بن الأسقع وفي لفظ : أضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا ، فأرسل إلى أزواجه يبتغي عندهن طعاما ، فلم يجد عند واحدة منهن شيئا ، فقال : «اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك ، فإنه لا يملكها إلا أنت» فأهديت إليه شاة مصلية ورغف ، فأكل منها أهل الصفة حتى شبعوا ، فقال : «إنا سألنا الله تعالى من فضله ورحمته ، فهذا فضله ، وقد ادخر لنا رحمته» ونحن ننتظر الرحمة .
وروى عن ابن عساكر قال : مسروق يوما ، فدعت بطعام فقالت لي : كل فلقل ما أشبع من طعام ، فأشاء أن أبكي إلا بكيت ، قال : قلت : لم يا أم المؤمنين ؟ قالت : أذكر الحال التي فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مرتين من خبز شعير -وفي لفظ : خبز بر- حتى لحق بالله . عائشة دخلت على
[ ص: 95 ] وروى عنها قالت : ما شبع آل محمد ثلاثة أيام من خبز البر حتى ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت ، وما زالت الدنيا علينا عسرة كدرة حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما مات انصبت علينا صبا .
وروى ابن أبي شيبة ، والإمام أحمد ، وأبو يعلى ، في الشمائل ، والترمذي وابن سعد -بإسناد صحيح- عن رضي الله تعالى عنه قال : أنس إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف .
وروى واللفظ له ، الطبراني ، -ورواته ثقات- عن والبزار طلحة بن عمرو ، عن والطبراني فضالة الليثي رضي الله تعالى عنهما قالا : المدينة نزل بأصحاب الصفة ، قال الأول : وكان لي بها قرناء ، وقال الثاني : نزلت الصفة ، قال الأول : فكان يجري علينا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم اثنين مدان من تمر ، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الصلوات إذ ناداه مناد . وقال الثاني : يوم الجمعة ، فقال : يا رسول الله أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف . فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم ذكر ما لقي من قومه من الشدة ، قال : «مكثت أنا وصاحبي بضعة عشر يوما ما لنا طعام غير البرير حتى قدمنا على إخواننا من الأنصار ، فواسونا في طعامهم ، ومعظم طعامهم التمر واللبن ، والذي لا إله إلا هو لو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكموه دثورا» الحديث . كان الرجل إذا قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن له عريف في
وروى عن ابن عساكر رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة لو أردت أن أخبركم بكل شبعة شبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات ، لفعلت .
وروى أيضا عنها قالت : إنه ليأتي على آل محمد الشهر ما يختبزون خبزا ولا يطبخون طبخا .
وروى ابن سعد برجال الصحيح ، والإمام أحمد وابن عساكر عنها قالت : وابن الجوزي رضي الله تعالى عنه ، فوالله إني لأمسكها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحزها ، أو يمسكها علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحزها ، قيل : على غير مصباح ؟ قالت : لو كان عندنا دهن مصباح لأكلناه ، إن كان ليأتي على آل محمد الشهر ما يخبزون فيه خبزا ، ولا يطبخون فيه برمة . أبي بكر [ ص: 96 ] أهديت لنا ذات يوم يد شاة من بيت
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنه قال : أبي هريرة مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير .
وروى ابن سعد عنه قال : ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكسر اليابسة ، حتى فارق الدنيا ، وأصبحتم تهذرون الدنيا .
وروى ابن أبي الدنيا رضي الله تعالى عنها أنها غربلت دقيقا تصنعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «ما هذا ؟ » قالت : طعام نصنعه في أرضنا ، فأحببت أن أصنع لك رغيفا ، قال : «رديه» . أم أيمن عن
وروى أبو الحسن بن الضحاك وابن سعد عن الحسن رحمه الله تعالى قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال : «والله ما أمسى في آل محمد صاع من طعام لتسعة أبياته ، والله ما قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم استقلالا لرزق الله تعالى ، ولكن أراد أن تتأسى به أمته» .
وروى مسلم والبخاري ، وأبو الشيخ ، عن والبرقاني عن قتادة قال : أنس مشيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وله هالة ولقد سمعته يقول : «ما أصبح لآل محمد ولا أمسى في آل محمد إلا صاع ، وإنهن يومئذ لتسعة أبيات» .
وروى الترمذي وابن سعد عن نوفل بن إياس الهذلي قال : أتينا في بيت بصحيفة فيها خبز ولحم ، فلما وضعت بكى عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن ، قلت : ما يبكيك ؟ فقال : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشبع هو ولا أهله من خبز الشعير ، ولا أرانا أخرنا لما هو خير لنا .
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنه قال : أنس شهدت وليمة للنبي صلى الله عليه وسلم ما فيها خبز ولا لحم .
وروى أيضا أن رضي الله تعالى عنه مر أبا هريرة بالمغيرة بن شعبة وهو يطعم الطعام ، فقال : ما هذا الطعام ؟ قال : خبز النقي واللحم للمسلمين قال : وما النقي ؟ قال : الدقيق ، فعجب ثم قال : عجبا لك يا أبو هريرة ، مغيرة ، رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضه الله تعالى وما شبع من الخبز والزيت مرتين في يوم ، وأنت وأصحابك تهذرون ههنا الدنيا بينكم ونقد بإصبعه ، يقول : كأنكم صبيان .
وروى أبو بشر محمد بن أحمد عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة عابس : فقلت : فما كان يحملكم على ذلك ؟ فضحكت ، وقالت : ما شبع آل محمد من خبز البر مأدوما يومين ، حتى لحق بالله تعالى . لقد رأيتنا نحبس [ ص: 97 ] الكراع يعني من لحوم الأضاحي ، فنأكله بعد خمسة عشر يوما ، قال
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن يزيد الرقاشي قال : قدم على رضي الله تعالى عنه وفد من قبل عمر بن الخطاب البصرة فيهم فرأوا طعاما خشنا وثوبين خلقين ، فكلموا الأحنف بن قيس ، أن تكلمه في ذلك ، فكلمته ، فجعل حفصة رضي الله تعالى عنه يناشدها الله ، هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث عشرين سنة لم يشبع من خبز الشعير ؟ لم يشبع ثلاثين يوما تباعا . عمر
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبعنا من الأسودين .
وروى ابن سعد في الأفراد ، وصححه عن والدارقطني أبي حازم قال : قلت لسهل بن سعد : أكانت المناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ما رأيت منخلا في ذلك الزمان ، وما أكل النبي صلى الله عليه وسلم الشعير منخولا حتى فارق الدنيا ، فإن قلت : كيف تصنعون ؟ قال : «كنا نطحنها ، ثم ننفخ قشرها ، فيطير ما طار ، ويتمسك ما استمسك» .
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنه قال : عمر بن الخطاب لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوي يومه من الجوع ، ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه .
وروى ابن سعد ، والإمام أحمد وأبو يعلى في المصنف عن وابن أبي شيبة رضي الله تعالى عنه قال : النعمان بن بشير احمدوا الله عز وجل فربما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم يظل يلتوي ما يشبع من الدقل .
ولفظ ابن أبي شيبة : ألستم في طعام وشراب ما شئتم ، فقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد الدقل ما يملأ به بطنه .
وروى ابن أبي الدنيا وأبو سعد الماليني وأبو الحسن بن الضحاك ، عن رضي الله تعالى عنه قال : أبي هريرة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا ، قلت : يا رسول الله ما أصابك ؟ قال : «الجوع» ، فبكيت قال : «لا تبك يا فإن شدة الجوع لا تصيب الجائع -يعني يوم القيامة- إذا احتسب في دار الدنيا» . أبا هريرة ،
[ ص: 98 ]
وروى ابن سعد عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مرتين ، حتى لقي الله تعالى ، ولا رفعنا له فضل طعام عن شبع ، حتى لقي الله ، إلا أن يرفعه لغائب ، فقيل لها : ما كانت معيشتكم ؟ قالت : الأسودان الماء والتمر ، قالت : وكان لنا جيران من الأنصار لهم ربائب منائح يسقونا من لبنها ، جزاهم الله تعالى خيرا .
وروى الشيخان والإمام أحمد وابن سعد عن رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة زاد ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدموا المدينة ثلاثة أيام تباعا ، حتى مضى لسبيله . ابن سعد والإمام أحمد : وما رفع عن مائدته كسرة قط حتى قبض .
وروى أبو داود الطيالسي ، ومسلم ، وابن سعد عنها قالت : زاد ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتابعين ، حتى قبض . ابن سعد : وإن كان ليهدى لنا قناع فيه كعب من إهالة فنفرح به .