الباب الخامس عشر
في بكائه صلى الله عليه وسلم
وروى أبو داود عن والنسائي مطرف بن الشخير قال : ولفظ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء . النسائي : ولجوفه أزيز كأزيز المرجل يعني من البكاء .
وروى عن أبو الشيخ رضي الله تعالى عنه قال : علي لقد رأيتنا وما فينا قائم يصلي إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ، وهو يبكي حتى أصبح يعني ليلته .
وروى عبد بن حميد ، عن وأبو الشيخ رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلتي حتى دخل معي في لحافي ، وألزق جلده بجلدي ، فقال : «يا ائذني لي في ليلتي لربي» ، فقلت : إني لأحب قربك ، فقام إلى ربه في البيت ، فما أكثر صب الماء ، ثم قام ، فقرأ القرآن ، ثم بكى ، حتى رأيت دموعه قد بلغت حجره ، ثم اتكأ على جنبه الأيمن ، ثم وضع يده اليمنى تحت خده ، ثم بكى حتى رأيت دموعه قد بلغت الأرض ، قالت : فجاء عائشة فآذنه بالصلاة ، فلما رآه يبكي قال : يا رسول الله أتبكي وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : «أفلا أكون عبدا شكورا ، وقال : ألا أبكي وقد أنزل الله تعالى الليلة : بلال إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار إلى قوله : فقنا عذاب النار ؟ وويل لمن قرأ هذه الآيات ولم يتفكر فيها .
وروى عبد بن حميد ، عن وابن جرير ، رضي الله تعالى عنه قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ : ويوم نبعث من كل أمة شهيدا الآية ، فاضت عيناه .
وروى عن الحكيم الترمذي رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عباس لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : أسمعنا بعض ما أنزل عليك ، فقرأ : والصافات صفا حتى بلغ إلى قوله : فأتبعه شهاب ثاقب فإن ما يبيض عرق ، وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته ، فقالوا له : إنا نراك تبكي ، أمن خوف الذي بعثك تبكي ؟ قال : «بلى ، من خوف الذي بعثني أبكي؛ إنه بعثني على طريق مثل حد السيف ، إن زغت عنه هلكت ، ثم قرأ : ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك الآية .
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن صالح بن الخليل قال : أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون . ما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 73 ] مبتسما أو ضاحكا منذ أنزلت هذه الآية :
وروى أيضا -بسند ضعيف- عن ابن عدي حمران بن أعين رحمه الله تعالى قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا يقرؤون : إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما فصعق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى ابن أبي الدنيا وأبو الحسن بن الضحاك عن طريق قال : أخبرنا الوليد بن مسلم أبو سلمة ثابت الدوسي ، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما -وسنده أبو الوليد جيد- قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اللهم ارزقني عينين هطالتين ، تبكيان تذرفان الدموع ، وتشبعاني من خشيتك ، قبل أن تكون الدموع دما ، والأضراس جمرا» .
وروى عن أبو بكر الشافعي رضي الله تعالى عنها قالت : عائشة بعد موته ، حتى رأيت دموعه تسيل على عينيه . عثمان بن مظعون قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الشيخان عن رضي الله تعالى عنهما قال : عبد الله بن عمر شكوى له فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع سعد بن عبادة فلما دخل وجده في غاشية أهله فقال : قد قضى ؟ قالوا : لا ، فبكى . أسامة بن زيد ، اشتكى
وروى بسند ضعيف عن ابن عدي رضي الله تعالى عنه قال : جابر لما جرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى ، فلما رأى ما مثل به شهق . حمزة
وروى أيضا عن رضي الله تعالى عنهما قال : ابن عمر يبكي ، فقال : «يا بعمر ههنا تسكب العبرات» . عمر استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ، فالتفت فإذا هو
وروى عن مسلم رضي الله تعالى عنهما : عبد الله بن عمرو بن العاص رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم [إبراهيم : 36] . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 74 ]
وروى الشيخان عن وأبو داود رضي الله تعالى عنه قال : عبد الله بن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقرأ علي القرآن ، فقلت : يا رسول الله : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : أشتهي أن أسمعه من غيري .
وروى أبو يعلى ، وابن أبي شيبة ، في الكبير عن والنسائي رضي الله تعالى عنه ابن مسعود فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا الآية ، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال : «حسبك» . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقرأ ، فافتتح النساء حتى انتهى إلى قوله تعالى :