قال رضي الله تعالى عنهما : أهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه لما بلغه أنه هجاه ، فأتى ابن عباس أسيد الطائف فأقام بها . فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج سارية بن زنيم إلى الطائف ، فقال له أسيد : ما وراءك ؟ قال : «قد أظهر الله تعالى نبيه ونصره على عدوه ، فاخرج يا ابن أخي إليه فإنه لا يقتل من أتاه» .
فحمل أسيد امرأته وخرج وهي حامل تنتظر ، وأقبل فألقت غلاما عند قرن الثعالب ، وأتى أسيد أهله فلبس قميصا واعتم ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسارية بن زنيم قائم بالسيف عند رأسه يحرسه ، فأقبل أسيد حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا محمد أهدرت دم أسيد ؟ قال : «نعم» . قال : تقبل منه إن جاءك مؤمنا ؟ قال : «نعم» . فوضع يده في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «هذه يدي في يدك ، أشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشهد ألا إله إلا الله . فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصرخ أن أسيد بن أبي أناس قد آمن وقد أمنه رسول الله . ومسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه وألقى يده على صدره ، فيقال إن أسيدا كان يدخل البيت المظلم فيضيء . وقال أسيد رضي الله تعالى عنه :
أأنت الفتى تهدي معدا لربها بل الله يهديها وقال لك اشهد فما حملت من ناقة فوق كورها
أبر وأوفى ذمة من محمد وأكسى لبرد الحال قبل ابتذاله
وأعطى لرأس السابق المتجرد تعلم رسول الله أنك قادر
على كل حي متهمين ومنجد تعلم بأن الركب ركب عويمر
هم الكاذبون المخلفو كل موعد أنبوا رسول الله أن قد هجوته
فلا رفعت سوطي إلي إذا يدي سوى أنني قد قلت يا ويح فتية
أصيبوا بنحس لا يطاق وأسعد أصابهم من لم يكن لدمائهم
كفيئا فعزت حسرتي وتنكدي دويبا وكلثوما وسلما وساعدا
جميعا بأن لا تدمع العين تكمد