[وهي بطون من بني بكر من قيس عيلان] وكانوا ينزلون البكرات بناحية ضرية ، على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة .
روى محمد بن عمربن جعفر بن محمود قال : قال محمد بن مسلمة : خرجت لعشر ليال خلون من المحرم فغبت عشرين ليلة إلا ليلة وقدمت المدينة لليلة بقيت من المحرم .
وروى محمد بن عمر عن شيوخه ، وابن عائذ عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عروة محمد بن مسلمة في ثلاثين رجلا ركبانا ، فيهم عباد بن بشر ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، والحارث بن خزيمة إلى بني بكر بن كلاب ، وأمره أن يسير الليل ويكمن النهار ، وأن يشن الغارة عليهم حتى إذا كان بالشربة لقي ظعنا فأرسل رجلا من أصحابه يسأل : من هم ؟ فذهب الرجل ثم رجع إليه ، فقال : قوم من محارب . فنزلوا قريبا منه وحلوا وروحوا ماشيتهم فأمهلهم حتى إذا عطنوا أغار عليهم ، فقتل نفرا منهم وهرب سائرهم ، فلم يطلب من هرب واستاق نعما وشاء ولم يتعرض للظعن . ثم انطلق حتى إذا كان بموضع يطلعه علىبني بكر بعث عائذ بن بسر إليهم ، فأوفى على الحاضر فأقام . وخرج محمد في أصحابه فشن عليهم الغارة فقتل منهم عشرة واستاقوا النعم والشاء ، ثم انحدر إلى المدينة فما أصبح إلا بضرية مسيرة ليلة أو ليلتين ، ثم حدر بالنعم وخاف الطلب فطرد الشاء أشد الطرد ، فكانت تجري معهم كأنها الخيل حتى بلغ العداسة فأبطأ عليهم الشاء بالربذة فخلفه مع نفر من أصحابه وطرد النعم ، فقدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصل بعده الشاء؛ فخمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به ثم فض على أصحابه ما بقي ، فعدلوا الجزور بعشر من الغنم . وذكر البلاذري أنها كانت في المحرم سنة ست وأن والحاكم ثمامة بن أثال الحنفي أخذ فيها ، وذكر حديث إسلامه .
روى الشيخان والبخاري مختصرا مطولا ومسلم عن وابن إسحاق رضي الله تعالى عنه : أبي هريرة نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة ولا يشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : «أتدرون من أخذتم ؟ هذا ثمامة بن أثال الحنفي ، أحسنوا إساره» . فربطوه بسارية من سواري المسجد» . «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خيلا قبل
وروى عن البيهقي أن ابن إسحاق ثمامة كان رسول مسيلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وأراد اغتياله ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه تبارك وتعالى أن يمكنه منه ، فدخل المدينة معتمرا وهو مشرك فدخل المدينة حتى تحير فيها فأخذ ، انتهى . ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال :
«اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه» . وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها وبراح ، فجع . [ ص: 72 ]
لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : ثمامة ؟ » فيقول : «عندي خير يا محمد» . وفي لفظ : «أسلم يا ثمامة» . فيقول : «أيها يا محمد ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن ترد الفداء فسل منه ما شئت» . فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد ، فقال : «ما عندك يا ثمامة ؟ » قال : عندي ما قلت لك . وذكر مثله : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أطلقوا ثمامة» فأطلقوه فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد ، فقال : «أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟ » فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر . فلما أسلم جاءوه بما كانوا يأتونه به من الطعام وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا ، فعجب المسلمون من ذلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [حين بلغه ذلك] : «مم تعجبون ؟ أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر وأكل في آخر النهار في معى مسلم ؟ إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معى واحد» . «ما عندك يا
قال ابن هشام رحمه الله تعالى : فبلغني أنه خرج معتمرا حتى إذا كان ببطن مكة لبى؛ فكان أول من دخل مكة يلبي . فأخذته قريش فقالوا : لقد اجترأت علينا . فلما قدموه ليضربوا عنقه؛ قال قائل منهم : دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم فخلوه . فقال الحنفي في ذلك :
ومنا الذي لبى بمكة معلنا برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم
وقالوا : أصبوت يا ثمامة ؟ فقال : لا ، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اتبعت خير دين ، دين محمد ووالله لا تصل إليكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا منها شيئا إلى مكة حتى أكلت قريش العلهز .فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي رواية قال :
وفي رواية : فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنك تأمر بصلة الرحم وإنك قد قطعت أرحامنا» . فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أن يخلي بينهم وبين الحمل ، وأنزل الله عز وجل : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون [المؤمنون 76] . «ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين ؟ » قال : «بلى» . قال : «فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع» .