ذكر رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة
قال محمد بن عمر وابن سعد : انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الجعرانة ليلة الخميس لخمس ليال خلون من ذي القعدة ، فأقام بالجعرانة ثلاث عشرة ليلة ، وأمر ببقايا السبي فحبس بمجنة بناحية مر الظهران . قال في البداية والظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما استبقى بعض المغنم ليتألف به من يلقاه من الأعراب بين مكة والمدينة : فلما أراد المدينة خرج ليلة الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة ليلا ، فأحرم بعمرة من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى ، ودخل الانصراف إلى مكة فطاف وسعى ماشيا ، وحلق ورجع إلى الجعرانة من ليلته ، وكأنه كان بائتا بها ، واستخلف عتاب - بالمهملة وتشديد الفوقية وبالموحدة - ابن أسيد بالدال - كأمير - على مكة - وكان عمره حينئذ نيفا وعشرين سنة - وخلف معه - زاد معاذ بن جبل محمد بن عمر : والحاكم وأبا موسى الأشعري - رضي الله عنهم يعلمان الناس القرآن [ ص: 407 ]
والفقه في الدين ، وذكر عروة بن عقبة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف عتابا ومعاذا بمكة قبل خروجه إلى هوازن ، ثم خلفهما حين رجع إلى المدينة .
قال ابن هشام : وبلغني عن - رحمه الله تعالى - أنه قال : لما زيد بن أسلم عتابا على مكة رزقه كل يوم درهما ، فقام فخطب الناس فقال : "أيها الناس ، أجاع الله كبد من جاع على درهم ! ! فقد رزقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهما كل يوم ، فليست لي حاجة إلى أحد" . استعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
قلت : ترجمته وبعض محاسنه في تراجم الأمراء .
قال محمد بن عمر وابن سعد : فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمره غدا يوم الخميس راجعا إلى المدينة ، فسلك في وادي الجعرانة ، حتى خرج على سرف ، ثم أخذ في الطريق إلى مر الظهران ، ثم إلى المدينة يوم الجمعة لثلاث بقين من ذي القعدة - فيما زعمه - أبو عمرو المدني .
قال أبو عمرو : وكانت المدينة إلى مكة فافتتحها ، وواقع هوازن ، وحارب مدة غيبته - صلى الله عليه وسلم - من حين خرج من أهل الطائف إلى أن رجع إلى المدينة شهرين وستة عشر يوما .