ذكر حصون الشق وفتحها انتقاله - صلى الله عليه وسلم - إلى محاصرة
روى عن البيهقي محمد بن عمر - رحمه الله - عن شيوخه - رحمهم الله - قالوا : لما تحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشق وبه حصون ذوات عدد ، فكان أول حصن بدأ به حصن أبي ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قلعة يقال لها سموان فقاتل عليها أهل الحصن ، قتالا شديدا ، وخرج رجل من يهود يقال له غزول ، فدعا إلى البراز ، فبرز له الحباب بن المنذر ، فاقتتلا فاختلفا ضربات ، ثم حمل عليه الحباب ، فقطع يده اليمنى من نصف الذراع ، فوقع السيف من يد غزول ، فبادر راجعا منهزما إلى الحصن ، فتبعه الحباب ، فقطع عرقوبه ، فوقع فذفف عليه ، فخرج آخر ، فصاح : من يبارز ؟ فبرز له رجل من المسلمين من آل جحش ، فقتل الجحشي ، وقام مكانه يدعو إلى البراز ، فبرز له وقد عصب رأسه بعصابته الحمراء ، فوق المغفر ، يختال في مشيته ، فبدره أبو دجانة ، - رضي الله عنه - فضربه فقطع رجله ثم ذفف عليه ، وأخذ سلبه ، درعه وسيفه ، فجاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنفله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، وأحجم أبو دجانة اليهود عن البراز ، فكبر المسلمون ، ثم تحاملوا على الحصن فدخلوه ، يقدمهم فوجدوا فيه أثاثا ومتاعا وغنما وطعاما ، وهرب من كان فيه من المقاتلة ، وتقحموا الجدر كأنهم الظباء حتى صاروا إلى أبو دجانة ، حصن النزال بالشق ، وجعل يأتي من بقي من فل النطاة إلى حصن النزال ، فغلقوه ، وامتنعوا فيه أشد الامتناع ، وزحف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في أصحابه ، فقاتلهم ، فكانوا أشد أهل الشق رميا للمسلمين بالنبل والحجارة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم حتى أصابت النبل ثياب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلقت به ، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبل فجمعها ، ثم أخذ لهم كفا من حصى فحصب به حصنهم ، فرجف الحصن بهم ، ثم ساخ في الأرض ، حتى جاء المسلمون فأخذوا أهله أخذا . [ ص: 124 ]