والشرع لا يستقر ما لم ينظر المكلف فيه ، فإذا قال المكلف للنبي : إن العقل ليس يوجب على النظر والشرع لا يثبت عندي إلا بالنظر ولست أقدم على النظر أدى ذلك إلى إفحام الرسول صلى الله عليه وسلم . قلنا هذا يضاهي قول القائل للواقف في موضع من المواضع إن وراءك سبعا ضاريا فإن لم تبرح عن المكان قتلك ، وإن التفت وراءك ونظرت عرفت صدقي فيقول الواقف لا يثبت صدقك ما لم ألتفت ورائي ولا ألتفت ورائي ولا أنظر ما لم يثبت صدقك . فيدل هذا على حماقة هذا القائل وتهدفه للهلاك ، ولا ضرر فيه على الهادي المرشد فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن وراءكم الموت ودونه السباع الضارية والنيران المحرقة إن لم تأخذوا منها حذركم وتعرفوا لي صدقي بالالتفات إلى معجزتي وإلا هلكتم فمن التفت عرف واحترز ونجا ومن لم يلتفت وأصر هلك وتردى ولا ضرر علي إن هلك الناس كلهم أجمعون وإنما علي البلاغ المبين فالشرع يعرف وجود السباع الضارية بعد الموت والعقل يفيد فهم كلامه والإحاطة بإمكان ما يقوله في المستقبل . فإن قيل فإذا لم يجب النظر والمعرفة إلا بالشرع
والطبع يستحث على الحذر من الضرر .