وقال رضي الله عنه : الشافعي حددته ولم أرد شهادته فقد جعله كبيرة بإيجاب الحد ، ولم يرد به الشهادة فدل على أن الشهادة نفيا وإثباتا لا تدور على الصغائر والكبائر ، بل كل الذنوب تقدح في العدالة إلا ما لا يخلو الإنسان عنه غالبا بضرورة مجاري العادات كالغيبة والتجسس وسوء الظن والكذب في بعض الأقوال وسماع الغيبة ، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأكل الشبهات وسب الولد والغلام وضربهما بحكم الغضب زائدا على حد المصلحة وإكرام السلاطين الظلمة ومصادقة الفجار والتكاسل عن تعليم الأهل والولد جميع ما يحتاجون إليه من أمر الدين ، فهذه ذنوب لا يتصور أن ينفك الشاهد عن قليلها أو كثيرها إلا بأن يعتزل الناس ويتجرد لأمور الآخرة ، ويجاهد نفسه مدة بحيث يبقي على سمعته مع المخالفة بعد ذلك ، ولو لم يقبل إلا قول مثله لعز وجوده وبطلت الأحكام والشهادات ، وليس لبس الحرير وسماع الملاهي واللعب بالنرد ومجالسة أهل الشرب في وقت الشرب ، والخلوة بالأجنبيات وأمثال هذه الصغائر من هذا القبيل فإلى مثل هذا المنهاج ينبغي أن ينظر في قبول الشهادة وردها لا إلى الكبيرة والصغيرة ، ثم آحاد هذه الصغائر التي لا ترد الشهادة بها ، لو واظب عليها لأثر في رد الشهادة كمن اتخذ الغيبة وثلب الناس عادة وكذلك إذا شرب الحنفي النبيذ والصغيرة تكبر بالمواظبة كما أن المباح يصير صغيرة بالمواظبة كاللعب بالشطرنج والترنم بالغناء على الدوام وغيره ، فهذا بيان مجالسة الفجار ومصادقتهم . حكم الصغائر والكبائر