ومن المكروهات أيضا إما من واحد أو جماعة ، فإنه لا فائدة فيه إذا لم يبق في المسجد نائم ، ولم يكن الصوت مما يخرج عن المسجد حتى ينبه غيره فكل ذلك من المكروهات المخالفة لسنة الصحابة والسلف . تكثير الأذان مرة بعد أخرى بعد طلوع الفجر في مسجد واحد في أوقات متعاقبة متقاربة
ومنها أن يكون الخطيب لابسا لثوب أسود يغلب عليه الإبريسم أو ممسكا لسيف مذهب فهو فاسق ، والإنكار عليه واجب ، وأما مجرد السواد فليس بمكروه ، ولكنه ليس بمحبوب إذ أحب الثياب إلى الله تعالى البيض.
ومن قال إنه مكروه وبدعة أراد به أنه لم يكن معهودا في العصر الأول ولكن إذا لم يرد فيه نهي فلا ينبغي أن يسمى بدعة ومكروها ، ولكنه ترك للأحب .
ومنها كلام القصاص والوعاظ الذين يمزجون بكلامهم البدعة.
فالقاص إن كان يكذب في أخباره فهو فاسق والإنكار عليه واجب وكذا الواعظ المبتدع يجب منعه ولا يجوز حضور مجلسه إلا على قصد إظهار الرد عليه إما للكافة إن قدر عليه أو لبعض الحاضرين حواليه فإن لم يقدر فلا يجوز سماع البدعة .
قال الله تعالى لنبيه فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ، ومهما كان كلامه مائلا إلى الإرجاء ، وتجرئة الناس على المعاصي وكان الناس يزدادون بكلامه جراءة وبعفو الله وبرحمته وثوقا يزيد بسببه رجاؤهم على خوفهم فهو منكر ويجب منعه عنه لأن فساد ذلك عظيم بل ، فإنهم إلى الخوف أحوج وإنما لو رجح خوفهم على رجائهم ، فذلك أليق وأقرب بطباع الخلق كما قال العدل تعديل الخوف والرجاء ، رضي الله عنه لو نادى مناد يوم القيامة ليدخل النار كل الناس إلا رجلا واحدا لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل ، ولو نادى مناد ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا ذلك الرجل. عمر
ومهما كان الواعظ شابا متزينا للنساء في ثيابه وهيئته كثير الأشعار والإشارات والحركات وقد حضر مجلسه النساء فهذا منكر يجب المنع منه فإن الفساد فيه أكثر من الصلاح ويتبين ذلك منه بقرائن أحواله بل لا ينبغي أن يسلم الوعظ إلا لمن ظاهره الورع وهيئته السكينة والوقار وزيه زي الصالحين ، وإلا فلا يزداد الناس به إلا تماديا في الضلال .