الرابع : أن لا يقتصر على هذا بل يلازم ذكر الله سبحانه في السوق ، ويشتغل بالتهليل ، والتسبيح فذكر الله في السوق بين الغافلين أفضل .
قال صلى الله عليه وسلم : وكالحي بين الأموات وفي لفظ آخر كالشجرة الخضراء بين الهشيم وقال صلى الله عليه وسلم : من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، وهو حي لا يموت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، كتب الله له ألف ألف حسنة . ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين
وكان ابن عمر وسالم ، بن عبد الله ومحمد بن واسع وغيرهم يدخلون السوق قاصدين لنيل فضيلة هذا الذكر .
وقال الحسن ذاكر الله في السوق يجيء يوم القيامة له ضوء كضوء القمر ، وبرهان كبرهان الشمس ومن ، استغفر الله في السوق ، غفر الله له بعدد أهلها .
وكان عمر رضي الله عنه ، إذا دخل السوق ، قال : اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفسوق ، ومن شر ما أحاطت به السوق ، اللهم إني أعوذ بك من يمين فاجرة ، وصفقة خاسرة .
وقال أبو جعفر الفرغاني كنا يوما عند الجنيد فجرى ذكر ناس يجلسون في المساجد ، ويتشبهون بالصوفية ، ويقصرون عما يجب عليهم من حق الجلوس ويعيبون من يدخل السوق ، فقال الجنيد : كم ممن هو في السوق حكمه أن يدخل المسجد ويأخذ بإذن ، بعض من فيه فيخرجه ، ويجلس مكانه وإني ، لأعرف رجلا يدخل السوق ، ورده كل يوم ثلاثمائة ركعة ، وثلاثون ألف تسبيحة .
قال فسبق إلى وهمي أنه يعني نفسه فهكذا كانت تجارة من يتجر لطلب الكفاية لا للتنعم في الدنيا فإن من يطلب الدنيا للاستعانة بها على الآخرة كيف يدع ربح الآخرة ؟ والسوق والمسجد والبيت له حكم واحد ، وإنما النجاة بالتقوى .
قال صلى الله عليه وسلم : اتق الله حيثما كنت .
فوظيفة التقوى لا تنقطع عن المتجردين للدين كيفما تقلبت بهم الأحوال وبه تكون حياتهم ، وعيشتهم ، إذ فيه يرون تجارتهم ، وربحهم وقد قيل : من أحب الآخرة عاش ومن أحب الدنيا طاش والأحمق يغدو ويروح في لاش والعاقل عن عيوب نفسه فتاش .