الرابع : أن لا يحتقب الأوزار بالنهار فإن ذلك مما يقسي القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمة قال رجل للحسن يا أبا سعيد ، إني أبيت معافى وأحب وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟ فقال : ذنوبك قيدتك وكان قيام الليل الحسن رحمه الله إذا دخل السوق فسمع لغطهم ولغوهم يقول : أظن أن ليل هؤلاء ليل سوء ، فإنهم لا يقيلون وقال حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته ، قيل وما ذاك الذنب ؟ قال : رأيت رجلا يبكي ، فقلت في نفسي : هذا مراء وقال بعضهم : دخلت على الثوري وهو يبكي فقلت : أتاك نعي بعض أهلك ؟ فقال أشد ، فقلت : وجع يؤلمك قال ؟ : أشد . قلت : فما ذاك قال ؟ : بابي مغلق ، وستري مسبل ، ولم أقرأ حزبي البارحة ، وما ذاك إلا بذنب أحدثته وهذا لأن الخير يدعو إلى الخير ، والشر يدعو إلى الشر ، والقليل من كل واحد منهما يجر إلى الكثير ولذلك قال كرز بن وبرة لا تفوت أحدا صلاة الجماعة إلا بذنب وكان يقول : الاحتلام بالليل عقوبة ، والجنابة بعد وقال بعض العلماء : إذا صمت يا مسكين ، فانظر عند من تفطر ، وعلى أي شيء تفطر ، فإن العبد ليأكل أكلة فينقلب قلبه عما كان عليه ، ولا يعود إلى حالته الأولى فالذنوب كلها تورث قساوة القلب وتمنع من قيام الليل وأخصها بالتأثير تناول الحرام وتؤثر اللقمة الحلال في تصفية القلب وتحريكه إلى الخير ما لا يؤثر غيرها ، ويعرف ذلك أهل المراقبة للقلوب بالتجربة بعد شهادة الشرع له ولذلك قال بعضهم : كم من أكلة منعت قيام ليلة ! وكم من نظرة منعت قراءة سورة ! وإن العبد ليأكل أكلة أو يفعل فعلة فيحرم بها قيام سنة وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فكذلك الفحشاء تنهى عن الصلاة وسائر الخيرات وقال بعض السجانين كنت سجانا نيفا وثلاثين سنة ، أسأل كل مأخوذ بالليل أنه : هل صلى العشاء في جماعة ؟ فكانوا يقولون : لا وهذا . تنبيه على أن بركة الجماعة تنهى عن تعاطي الفحشاء والمنكر . أبو سليمان الداراني :