وقل من يعرف القدر فيما لا بد منه بل أكثر الناس يقدرون فيما عنه بد أنه لا بد لهم منه وذلك لأن الشيطان يعدهم الفقر ويأمرهم بالفحشاء فيصغون إليه ويجمعون ما لا يأكلون خيفة الفقر والله يعدهم مغفرة منه وفضلا فيعرضون عنه ولا يرغبون فيه .
الأمر الثاني : القيلولة وهي سنة يستعان بها على قيام الليل كما أن فإن كان لا يقوم بالليل لكن لو لم ينم لم يشتغل بخير ، وربما خالط أهل الغفلة وتحدث معهم فالنوم أحب له إذا كان لا ينبعث نشاطه للرجوع إلى الأذكار والوظائف المذكورة إذ في النوم الصمت والسلامة ، وقد قال بعضهم : يأتي على الناس زمان الصمت والنوم فيه أفضل أعمالهم وكم من عابد أحسن أحواله النوم ؛ وذلك إذا كان يرائي بعبادته ، ولا يخلص فيها ، فكيف بالغافل الفاسق . التسحر سنة يستعان به على صيام النهار
قال رحمه الله كان يعجبهم : إذا تفرغوا أن يناموا طلبا للسلامة فإذا كان نومه على قصد طلب السلامة ونية قيام الليل كان نومه قربة، ولكن ينبغي أن يتنبه قبل الزوال بقدر الاستعداد للصلاة بالوضوء وحضور المسجد قبل دخول وقت الصلاة فإن ذلك من فضائل الأعمال وإن لم ينم ولم يشتغل بالكسب واشتغل بالصلاة والذكر فهو أفضل أعمال النهار ؛ لأنه وقت غفلة الناس عن الله عز وجل واشتغالهم ، بهموم الدنيا فالقلب المتفرغ لخدمة ربه عند إعراض العبيد عن بابه جدير بأن يزكيه الله تعالى ويصطفيه لقربه ومعرفته وفضل ذلك كفضل إحياء الليل فإن الليل وقت الغفلة بالنوم ، وهذا وقت الغفلة باتباع الهوى والاشتغال بهموم الدنيا ، وأحد معنيي قوله تعالى : سفيان الثوري وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أي : يخلف أحدهما الآخر في الفضل والثاني : أنه يخلفه ، فيتدارك فيه ما فات في أحدهما .