فصل [في عدم جواز عقد الكافر للمسلمة]
وأما الكافر فلا يجوز أن يعقد نكاح المسلمة، وإن كانت ابنته أو أخته، وإن فعل كان نكاحا فاسدا ، وله أن يعقد نكاح ابنته النصرانية من مسلم، ولا يعقد المسلم نكاح ابنته الكافرة من كافر، فإن فعل مضى; لأنا لا نعترض مناكح الكفار.
ويفترق إذا عقد نكاحها من مسلم إذا كانت ذمية أو حربية أو أمة أو معتقة; فمنعه إذا كانت حرة من نساء أهل الجزية دون غيرها، فقيل له، في النصرانية لها أخ مسلم: هل يزوجها من مسلم؟ فقال: أمن نساء أهل الجزية؟ قيل: نعم. قال: لا يجوز له أن يعقد نكاحها. قال الله تعالى: مالك ما لكم من ولايتهم من شيء . [ ص: 1827 ]
وقال : إذا زوج لم أفسخه; لأن النصراني لا يعقد نكاحا إلا كان المسلم أصح منه وأفضل، وإنما ولايتها من النصراني أولى من المسلم في الحكم . أصبغ
فإن لم يتنازعوا وولت مسلما عقد نكاحها جاز، وهو أحب إلي من وليها الكافر. وقال محمد : هذا غلط، ووليها النصراني أحب إلي من الأب المسلم، ولو زوج المسلم كان نكاحا باطلا .
وليس ذلك من وجه الحقوق، وإنما كرهه مالك وابن القاسم ، ولم يجيزوه; لأنه ليس بولي. وأشهب
وقال : الأب المسلم يعقد نكاحها من مسلم، وأهل دينها يعقدونه من كافر . وهذا قول ابن وهب . أصبغ
وهو أحسن; لتفرقة بين نساء أهل الجزية وغيرهم، ولتسليم مالك محمد ذلك في المعتقة. فإن كان المنع عنده لافتراق الدينين فلا يجوز ذلك في الكافر على حال، والمعتقة والأمة وغيرها في ذلك سواء. فإن قيل: إنما جاز ذلك في الأمة; لأنها ماله، قيل: النكاح يفتقر إلى ولاية بدليل أنها لو كانت لامرأة أو لعبد ما جاز أن يعقد نكاحها من مسلم على قول من أجاز نكاح الأمة الكتابية، وأيضا فإن المخاطب بالولاية المرأة، وإذا كانت كافرة لم تكن مخاطبة بالولاية. [ ص: 1828 ]