فصل
فأما المرض فيجوز الخروج معه إذا كان لا يمكنه المقام في المسجد; إما لنزول أمر، أو لشدة مرض لا يقدر معه على شيء من الاعتكاف، أو لحاجة لمن يقوم به ويتعذر ذلك عليه في كونه في المسجد. واختلف إذا غلب على الصوم خاصة، هل يخرج أم لا؟ وقد تقدم ذكر ذلك. للمعتكف أن يخرج من معتكفه إذا حدث به مرض، أو طرأ على الموضع خوف، أو حاضت المرأة أو نفست.
واختلف قول إذا ثبت عليه دين، أو وجب عليه حد، أو أمر يوجب سجنه، فقال مرة: يخرج ثم يبتدئ. وقال أيضا: إن بنى على ما مضى أجزأه، وأحب إلي أن يستأنف. مالك
قال: ولا أحب للإمام أن يخرجه; إلا أن يتبين أنه إنما اعتكف لواذا وفرارا من الحق، فيرى في ذلك رأيه. [ ص: 846 ]
وأرى إن كان في أول اعتكافه أن يخرج، ولا يخرج إن كان في آخره; إلا أن يكون اعتكافه الأيام اليسيرة فلا يخرج وإن كان في أوله، إلا أن يخشى تغيبه فيخرج ما لم يأت بحميل، وأجاز في العتبية أن يخرج إذا مرض أحد أبويه واشتد به المرض. مالك
وإذا صح الخروج ممن تقدم ذكره افترق الجواب في البناء والابتداء: فللمريض، والحائض، والنفساء أن يبنوا قولا واحدا.
واختلف قول فيمن خرج لخوف، فقال مرة: يبتدئ. ثم رجع إلى أن يبني. وقال فيمن أخرجه القاضي لدين: إن بنى أجزأه. واستحب الابتداء، وقال مالك يبتدئ. وقال ابن القاسم: فيمن خرج لمرض أحد أبويه: يبتدئ. فأما البناء فقياسا على المريض والحائض. مالك
وأما الابتداء فلأن كل واحد منهم قادر على الاحتراز مما أوجب عليه الخروج، فيعتكف هذا بعد قضاء ما عليه من دين، والآخر في موضع لا يخشى نزول الخوف فيه. ولو كان اعتكافه في أمن ثم طرأ الخوف لبنى، قياسا على المريض، ولأن كليهما أمر طارئ من الله سبحانه لا مدخل لهما فيه. [ ص: 847 ]