باب في صفة الصيام
الصوم الشرعي: الإمساك عن أربعة: الأكل، والشرب، والجماع وإن لم يكن إنزال، والإنزال وإن لم يكن جماع، كالذي يستمتع بأهله خارج الفرج فينزل، ولا يفسد بالإنزال عن الاحتلام، وإن كان ذلك مما يوجب الغسل.
واختلف في المذي، هل يفسد الصوم أم لا؟ غير محرمات في أنفسهن، وأمرهن متعلق في الإباحة والتحريم والكراهة بما يكون عنها، فمن كان يعلم من عادته أنه لا يسلم عند ذلك من الإنزال، أو يسلم مرة ولا يسلم أخرى، كان ذلك محرما عليه وعلى هذا يحمل قول والقبلة والمباشرة والملامسة في المدونة فيمن باشر مرة واحدة أو قبل قبلة واحدة: إن عليه القضاء والكفارة، وقول مالك في المبسوط فيمن باشر مرة واحدة: إن عليه القضاء والكفارة. ومن كان يعلم من عادته السلامة من ذلك، وأنه لا يكون عنه إنزال ولا مذي كان مباحا، وإن كان لا يسلم من الإمذاء كان على الخلاف، فمن أفسد به الصوم كان الإمساك عن سببه واجبا، ومن لم يفسد به كان الإمساك مستحبا. ابن القاسم
وقال القضاء عن المذي مستحب. وقال أبو القاسم بن الجلاب: إذا نظر على غير تعمد فأمذى فلا [ ص: 738 ] قضاء عليه، وفرق بين ذلك وبين أن يمني، فلم ير أن يفسد به الصوم، والذي يتذاكر به أن القضاء عليه واجب. ابن حبيب:
والقول الأول أحسن، وإنما ورد القرآن بالإمساك عما ينقض الطهارة الكبرى دون الصغرى، ولو وجب القضاء بما ينقض الطهارة الصغرى لفسد الصوم بمجرد القبلة والمباشرة والملامسة وإن لم يكن مذي، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: وأخرج مسلم عن عمر بن أبي سلمة أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن "أنه كان يقبل وهو صائم"، فأفتاه بجواز ذلك، القبلة للصائم، حينئذ حديث السن، فالصوم والصلاة في هذا مختلفان، واتفق الجميع على أنه لا يجيء في عمده كفارة، ولا يقطع التتابع إذا كان صيام ظهار أو قتل نفس. وعمر بن أبي سلمة
إلا أن يديم النظر، فيكون الأمر في ذلك إلى عادته، فإن كان يعلم أنه لا يحدث منه أكثر من التلذذ جاز ذلك له، وإن كان يحدث منه الإنزال كانت الاستدامة محرمة، وإن كان [ ص: 739 ] يحدث مذي فعلى الاختلاف المتقدم. ونظر الرجل إلى أهله على وجه التلذذ جائز،
وذهب القاضي أنه إذا دخل عليه إنزال ولم يكن سببه منه لم يفسد صومه، وأظنه قاسه على الاحتلام. ويدخل فيما ذهب إليه من ذلك ما يكون عند المسابقة وغيرها. أبو محمد عبد الوهاب