باب في الكفيل والمتكفل له يختلفان في القضاء عن الكفالة
ومن المدونة قال قال ابن القاسم: فيمن مالك: قال: تقسم بينهما فيكون نصفها على الكفالة ونصفها على القرض ، وقال له على رجل ألف درهم من كفالة وألف من قرض، ثم قبض ألفا وقال: هي من الكفالة، وقال الآخر: هي من القرض، أشهب القول قول القابض . وعبد الملك:
واختلفا في تعليل ذلك فقال القول قول القابض؛ لأنه أمنه حين دفع إليه وقد كان قادرا على أن يتوثق. يريد: بالبينة. وقال عبد الملك: لأنه لا يؤخذ بغير ما أقر به. أشهب:
قال الشيخ: إنما يستقيم الجواب بعد معرفة حال المتحمل به يوم القضاء ويوم اختلفا، هل هو في اليومين معسر أو موسر، أو معسر في أحدهما وموسر في الآخر؟ وإن كان معسرا في اليومين جميعا لم يكن لاختلافهما فائدة؛ لأن الطالب يقول: عليك أن تدفع ألفا أخرى كانت الأولى عن الحمالة أو الدين، وكذلك إذا كان موسرا في اليومين جميعا: يوم الدفع واليوم على أحد قولي أن له أن يأخذ أيهما أحب، وعلى قوله ألا يأخذه إلا بعد عسر الغريم لم [ ص: 5619 ] يكن القول قول الدافع أنه دفع عن الدين؛ لأنه يقول: دفعت عن شيء وجب علي ولم أتطوع بما لم يجب، فإن كان موسرا في اليوم الأول واليوم معسرا لم يفد اختلافهما أيضا؛ لأن عليه أن يغرم عنه إلا أن يقول الكفيل: كنت جمعت بينك وبينه وهو موسر، فيحلف المكفول له ويبرأ، وإن كان معسرا في اليوم الأول واليوم موسرا صح أن يكون لاختلافهما وجه؛ لأن الطالب يقول: كنت قبضت الكفالة بوجه جائز وأحب ولا أحب اليوم مطالبة الغريم، والكفيل يقول: أغرم حتى أيسر صاحبك فخذ منه، وبه يبتدأ على الصحيح من القول فيجب أن يقسم بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر، وإن حل الدين أولا كان القول قول الدافع قولا واحدا، وإن حلت الكفالة أولا كان القول قول المكفول له عند مالك محمد، وهذا إنما يصح على القول أن له أن يبتدئ بالحميل، وعلى القول أنه لا يبتدئ به فيكون القول قول الغريم؛ لأنه يقول: تطوعت بتعجيل ديني ولم أتطوع بما لم يجب علي تعجيل دين غيري.
ويختلف إذا حل الدينان ولم يبين وقت الدفع، فعلى القول أنهما غريمان يقسم، وعلى القول الآخر يحمل على أنها من الدين. [ ص: 5620 ]