فصل [في حبس من عليه دين]
ويحبس النساء في الدين وغيره بموضع لا يكون فيه رجل ، والأمين [ ص: 5551 ] عليهن امرأة مأمونة لا زوج لها أو لها زوج مأمون معروف بالخير، ويفترق الجواب في حبس الأب. فقال ويحبس الولد في دين الأبوين، ابن القاسم: ، وقال لا يحبس الأب في دين الولد محمد بن عبد الحكم: يحبس إذا امتنع من النفقة على ولده الصغير؛ لأن ذلك يضر بهم، وليس كدين الولد على أبويه ، وقال أيضا: يحبس الأب إذا كان في يده مال للولد، يريد: إذا لد عن تسليمه إلا أن يكون المال عينا، وله مال ظاهر يقدر على الأخذ منه، فيؤخذ ولا يحبس، وإذا ادعى الفقر كلف إثبات ذلك من غير حبس بخلاف الأجنبي، ويسأل عنه فإن علم أنه على اللدد، والمال له قدر، ولم يوجد له مال ظاهر يقضي به دينه حبس حتى يقضي وإن أشكل أمر يسره أو كان الذي يطلب يسيرا وله قدر وهو حقير في كسب هذا الابن لم يحبس، وهذا الجواب في حبسه.
واختلف في تحليفه له وفي حده إذا قذفه وفي القصاص منه إن قطعه أو قتله، فقال في المدونة: مالك ، وفي كتاب لا يحلف الابن الأب محمد . وقال يحلفه وهو بذلك عاق وترد شهادته في ثمانية أبي زيد: ليس بعقوق ولا ترد شهادته. [ ص: 5552 ] ابن الماجشون
وأرى إذا كانت الدعوى من ناحية التهمة، اتهمه أن يكون أخذ له شيئا، أو كتمه بعض ما ورثه عن أمه ألا يحلف إلا أن تكون التهمة قوية ظاهرة في شيء له قدر وبألا يضر بالولد إمساكه عنده فيحلف، وإن ادعى أنه جحده ما داينه له وله قدر أحلفه، وإن كان يسيرا لم يحلفه فإن اجترأ وحلفه كان بذلك عاقا ساقط الشهادة؛ لأن تحامله على تحليف أبيه في مثل ذلك القدر دليل على سقوط مروءته إلا أن يكون الأب من أهل الدين والفضل، ويتهم الابن أن يكون أراد أذاه لشنآن وقع بينهما أو لأن الأب امتنع من أن يعطيه أو يهبه فلا يحلف، وقال إذا ابن القاسم: حد له وعفوه عنه جائز، وإن بلغ الإمام، ويقتص منه إن قطعه أو قتله ، وقال قذف الأب ولده في كتاب أصبغ يحد إن قذفه ، ويقتص منه إن جرحه أو قتله، ولا يقتل بمن قتل إذا كان ولي الدم ابنه وهو أبين، وأراه عظيما أن يحده أو يقطع منه عضوا أو يقتله، وقتل من قتله من ثلاثة أوجه: ابن حبيب:
أحدها: أن يقتل الأب ولده، والقائم بالدم أخو المقتول.
والثاني: أن يكون القائم بالدم عم المقتول، أو ابن عمه.
والثالث: أن يكون المقتول ليس بولد القاتل، والقائم بالدم ابن القاتل، وكل هذا، فلا أرى أن يكون على الأب فيه قصاص، وأشدها في المنع أن يقوم [ ص: 5553 ] الابن على أبيه بقتل عمه، أو ابن عمه، ثم قيامه ليقتله في أخيه، وأقربها في القصاص أن يقتل الأب ولده، ويقوم بالقصاص العم أو ابن العم؛ لأن القائم بالدم يقول: ليس بيني وبين القاتل حرمة تمنع القصاص، والأب يقول: أنت تقوم بالقصاص عمن بيني وبينه حرمة، وأشكل من ذلك أن يقوم بالقصاص ابن أخي القاتل، فيريد أن يقتص من عمه، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ، فالحرمة بين القاتل والمقتول؛ لأنه ولده، وبينه وبين القائم بالدم؛ لأنه معه كالأب. "العم صنو الأب"
وقال في كتاب الديات: ابن القاسم يقسم مع قوله ويستحق الدية في الخطأ على العاقلة وفي العمد من ماله ولم يجعل فيه قصاصا من غير مراعاة للقائم بالدم، هل هو ولد أو عم أو ابن عم، وقال أيضا: إذا قال المقتول دمي عند أبي . إذا قتل ولده وكان ولي الدم الولد لم يقتص منه