فصل [في حوز الولد على أبيه]
فقال ولا يحوز الولد على أبيه بالحرث والسكنى، واختلف إذا بنى أو غرس. لا شيء له بذلك وإن طالت عمارته. قال: وهو كالحوز لآبائهم إلا ما نسبوه لأنفسهم، بشراء أو هبة أو صدقة أو صداق، وكذلك الجد وولد الولد. ابن القاسم:
وقال محمد بن دينار: فيما بنى الابن إذا لم ينقله الأب منه ، حتى طال زمانه أو مات وهو في يديه فهو له، وإن كان أبوه ينقله من موضع إلى موضع، وهو يعمل في كل موضع لم يكن له، وإن مات أبوه وهو في يديه. وهذا أحسن ولا يحمل على أنه حائز لأبيه إذا كان منقطعا عنه، وليس ممن يقوم بأمر أبيه، وكذلك الأب في مال ابنه لا يستحقه بالسكنى والحرث، ويستحقه بالبناء والغرس، وهو في هذا أبين من فعل الابن في مال الأب. واختلف في القرابة والموالي والأصهار، إذا لم تكن بينهم شركة. فقال مطرف: جميع القرابات: ولم يفرق بين الحوز بسكنى أو بناء. وقال الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم ، والأخوال والأصهار والموالي، كالأجنبيين فيما حازوه إذا لم يكن بينهم شركة، -في المجموعة في حيازة الإخوة والموالي، بعضهم على بعض، بالبناء والغرس وحفر الآبار-: كالأجنبيين، [وقال -في العتبية-: [ ص: 5528 ] ابن القاسم
الأصهار والموالي لا ينفعهم الحوز بالسكنى والحرث، بخلاف الهدم والبناء.
وقال أصبغ: هم كالأجنبيين ، إلا من كان مديرا لماله والقيام بأمره، والخول أو الوكلاء أو مختلطين به جدا. وهو مثل قول مطرف، ولا يخالف فيمن كانت تلك منزلته من صاحب المال، أنه لا يكون فيما حازه كالأجنبي . ولا أرى أن يستحق أحد منهم بالسكنى وبالزراعة؛ لأنه مما يتسامح فيه مثل هؤلاء، إلا أن تطول المدة ولا أبلغ به الخمسين، إلا أن يثبت أن بينهم من المشاحنة ما لا يتركه، إلا لأنه ملكه، وأن يملك بالبناء والغرس، إلا أن يثبت أنهم يتسامحون بذلك مع بقاء الملك، أو يكون الباني والغارس من قومة المالك، أو من خدمته أو وكلائه، فلا يستحق به ويستحق بمثله، الذي يقام له على قومته، والوطء والعتق والتدبير والكتابة والبيع، في كل هؤلاء الأقارب والموالي والأصهار، يستحق به إذا لم يغير عليه بالحضرة. [ ص: 5529 ]