فصل [في الجمع بين الصلوات]
الجمع يجوز بين المغرب والعشاء إذا كان المطر، أو طين وظلمة وإن لم يكن مطر. وفي العتبية قيل وربما تجلى المطر وبقي الطين أيجمعون؟ قال: نعم. وظاهر هذا إجازة الجمع إذا كان الطين، وإن لم تكن ظلمة، وقال أيضا: إذا كان الطين والوحل الكثير أرجو أن له سعة أن يصلي في بيته. وعلى هذا يجوز إذا كان في المسجد أن يجمع إذا كان الوحل. لمالك:
فأما وقت الجمع فقال في الكتاب: إذا كان مطر، أو طين وظلمة يؤخرون المغرب شيئا قليلا ثم يصلونها ثم يصلون العشاء وينصرف الناس وعليهم إسفار قليل. واختلف في وقت الجمع، وفي الأذان للثانية، وفي التنفل بين الصلاتين.
وقال عنه محمد بن عبد الحكم: يجمع أول وقت المغرب.
وقال في مدونته: إذا كان المطر تؤخر المغرب إلى عند غيبوبة الشفق ثم يجمع. وقال أشهب في مختصر مالك ابن عبد الحكم: تؤخر المغرب، ثم تصلى، ثم يؤذن للعشاء ويصلون حتى يغيب الشفق أو معه، ثم يصلي، ولا يتنفل بينهما. وأجاز التنفل بينهما، وقال: الذي رأيت أهل العلم يستحبون: أن يؤذن للمغرب في وقتها ثم تؤخر قليلا ثم يصلونها، فإذا فرغوا [ ص: 445 ] أذن للعشاء في صحن المسجد أذانا ليس بالعالي، فيتنفل من أحب. وقوله في المدونة في العشاء: "يصلونها وعليهم إسفار قليل" أحسن; لأن تقديمها قبل ذلك لم تدع إليه ضرورة، وتأخيرها عن الإسفار تأخير عن وقت الضرورة، ويؤدي إلى الانصراف في الظلمة، وأما في المغرب فهم بالخيار بين أن يصلوها إذا غابت الشمس; لأنه الوقت الأفضل ولم تدع ضرورة إلى تأخيرها عنه، أو يؤخرونها لتجمع مع العشاء. ابن حبيب
ومحمل قول أنها تؤخر عن الوقت الذي كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصليها فيه، وفي الصحيحين عن مالك قال: رافع بن خديج فأما اليوم فالشأن تأخيرها، فمن جمع اليوم في الوقت المعتاد أجزأه من التأخير. "كنا ننصرف من الصلاة وإن أحدنا ليرى مواقع نبله"
واختلف فيمن صلى المغرب في بيته ثم أتى المسجد وقد صلوا المغرب أيضا، فقال يجمع معهم. وقال ابن القاسم: في المختصر: لا يجمع. والأول أحسن; لأن الوجه أن تقدم الصلاة لأجل فضيلة الجماعة على فضيلة الوقت. [ ص: 446 ] مالك
لأن الناس حينئذ ينصرفون إلى أشغالهم في أمر دنياهم بخلاف الليل، فكان سعيهم لصلاتهم أولى. وهذا فيمن أراد أن يقدم العصر إلى الظهر، فأما إذا كان الجمع أن تصلى الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها فلا بأس; لأن ذلك يجوز من غير مطر. وهو قول ولا يجمع بين الظهر والعصر إذا كان المطر; في كتاب عبد الملك محمد. وعلى هذا يحمل حديث ابن عباس قال: وقال في كتاب "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر". "ولا مطر". أنه أخر الأولى إلى آخر وقتها وعجل الآخرة. [ ص: 447 ] مسلم: