باب في الجناية على المبيع في أيام الخيار وإذا تغير بزيادة أو نقصان وفي الغلات والولادة
لا تخلو إما أن تكون من البائع، أو من المشتري، أو من أجنبي، أو من غير فعل آدمي، فإن كانت من البائع قتله خطأ، انفسخ البيع ولا شيء للمشتري إن كانت القيمة أكثر، وإن قتله عمدا وكانت القيمة أكثر، كان للمشتري أن يأخذ فضل القيمة على الثمن; لأن التوفية عند قبول المشتري حق على البائع، فليس له أن يعمد بفعل شيء يمنع من ذلك، فإن فعل كان للمشتري أن يأخذه بحكم التعدي، وإن كانت الجناية دون النفس خطأ، كان المشتري بالخيار بين أن يقبله معيبا، ولا شيء له من قيمة العيب أو يترك، وإن كانت عمدا كان له أن يأخذه معيبا وقيمة العيب ويدفع الثمن. الجناية على العبد في أيام الخيار من أربعة أوجه:
وقال ابن القاسم: إن جنى عليها المشتري خطأ وكانت الجناية يسيرة، كان المشتري بالخيار بين أن يمسك أو يرد وما نقصته الجناية، وإن كان أفسده ضمن الثمن كله، وعلى هذا إن قتله عمدا غرم الثمن.
وقال يغرم القيمة. وهو أحسن، وليس هذا بمنزلة من أهلك سلعة وقفت على ثمن; لأن الثمن في الخيار لم يثبت، وإنما يغرم ثمن السلعة إذا وقفت على ثمن تمالأ عليه جماعة فيصير كالقيمة. [ ص: 4557 ] سحنون:
وقال جناية العمد رضى، وقال ابن القاسم: ليس برضى؛ لأن ذلك مما يفعل عند الغيظ والغضب. ولو قيل: يغرم الأقل لكان وجها، فإن كانت القيمة أقل غرمها; لأنه لم يرض الشراء، وإن كان الثمن أقل أغرمه; لأن البائع رضي منه به، وإذا كانت الجناية رضا على القول الأول كان قليلها وكثيرها في ذلك سواء، فإن لم تكن مثلة لم يعتق، وإن كانت مثلة عتق; لأنه إن عد رضى فقد مثل بعبده; لأنه ملكه قبل أن يجني، ونية الرضى تسبق الجناية، وإن كانت الجناية من أجنبي كان الخطأ والعمد سواء، فإن قتله انفسخ البيع وكانت القيمة للبائع قلت أو كثرت، وإن كانت الجناية دون النفس أخذها البائع، وخير المشتري بين أن يقبل العبد معيبا ولا شيء له أو يتركه، وكذلك إن كانت الجناية بأمر من الله تعالى وهي دون النفس، كان المشتري بالخيار بين أن يقبله بجميع الثمن أو يرده. أشهب:
وقال إذا كانت الجناية من أجنبي ورضيه المشتري، كانت الجناية للمشتري، ورأى أنه إذا رضيه كأنه لم يزل منعقدا من وقت البيع. ابن حبيب: