باب في البيع على رضى فلان أو خياره أو مشورته، ومن وكل على أن يشتري على البت فاشترى على خيار
جائز، فإن رضي فلان بإمضاء البيع أو رده، كان الأمر على ما حكم من إمضاء أو رد، وإن كان ذلك شرطا من البائع والمشتري لم يكن لأحدهما عزله إلا باتفاق منهما، فإن اتفقا على عزله، أو على قبول أو رد، قبل نظر فلان، كان الأمر إلى ما اتفقا عليه، وسقط ما بيد فلان، وإن اختلفا بقي على ما جعل له من ذلك حتى يقضي أو يرد. البيع على رضى فلان أو خياره
وقال فيمن اشترى على إن رضي فلان: فليس للمشتري أن يمضي ولا يرد حتى يرضى فلان. يريد إذا كان ذلك شرطا من البائع والمشتري; لأن قوله أشتري على إن رضي فلان، لا يقضي أن ذلك الشرط منه وحده. واختلف إذا كان الشرط من أحدهما، فقال مالك إن شرط البائع إن رضي فلان، كان البيع جائزا، فإن رضي فلان أو رضي البائع جاز البيع، ولم يقل: إن له أن يرد قبل مطالعة فلان. مالك:
وقال إن اختار الذي اشترط الخيار منهما لغيره، الأخذ أو الرد دون من اشترط له فذلك له، ولا مقال لصاحبه في ذلك، أن يقول ليس لك أن تختار شيئا دون الذي اشترطت له الخيار بائعا كان أو مشتريا. ابن حبيب:
وأرى إذا كان الشرط من البائع، وكان رغبة المشتري في بت الشراء، فقال [ ص: 4548 ] البائع: حتى يختار فلان أو يرضى، أن يكون للبائع أن يمضي البيع; لأن ذلك كان رغبة المشتري وليس له أن يرد، وإن كان الشرط من المشتري ورغب البائع في بت البيع، فقال المشتري: لا حتى يختار فلان أو يرضى، أن يكون للمشتري أن يقبل البيع ولا ينتظر رضى فلان ولا خياره، وليس له أن يرد قبل مطالعة فلان; لأن البائع يقول: قد كان العقد على إن رضيها لك لزمتك، وإن اشترط أحدهما مشورة فلان، كان له أن يقبل أو يرد ولا يستشيره، وهذا قول مالك، إلا أن يدخلا على التزام ما يستشيره.
قال -في شرح مالك ابن مزين، فيمن باع سلعة على أن يستشير فلانا، فإن أمضى البيع تم بينهما، ثم ندم المشتري قبل أن يستشار الذي استثنى البائع نظره-: فالبيع لازم إن أجازه الذي استثنى نظره، قال: وإن ندم البائع لم يكن ذلك له، فألزم البيع في المشورة بقوله، فإن أمضى الذي يستشار فالبيع ثابت بينهما.
وقد غلط علي بن نافع في هذه المسألة، ونسب إليه أنه جعل المشورة مثل قوله إن رضي فلان، وأسقط من الرواية قوله: إن أمضى البيع تم بينهما، وإذا كان من شرط رضاه أو خياره، أو مشورته غائبا بعيد الغيبة لم يجز البيع.