باب في العبد بين الرجلين يعتق أحدهما نصيبه إلى أجل ، وهل يستكمل نصيب الشريك جبرا أو لا يستكمل حتى يتم الأجل؟
وقال في المدونة : في ابن القاسم يقوم عليه الآن; لأن الناس قد اختلفوا في المدبر ، وقد أفتى عبد بين رجلين أعتق أحدهما نصيبه إلى أجل في المدبر أنه يقوم عليه نصيب صاحبه بدين حكما كالعتق ، وقاله مالك مالك والمغيرة ، قال وسحنون : وإن لم يكن يوجد ذلك له الآن شيء كان للمتمسك بالرق أن يبيع ويصنع بنصيبه ما شاء ، ولا يراعى حالة عبده من اليسر والعسر عند محل الأجل ، وقال ابن سحنون : إذا كان الأجل سنة ، فكما قال أشهب مالك والمغيرة ، وإن طال الأجل فليؤخر التقويم إلى حلول الأجل ، قال : ولو قال قائل : لا يقوم إلا إلى الأجل في الوجهين جميعا لم أعبه . يريد : الأجل القريب والبعيد .
وقال عن مطرف في كتاب مالك : يخير الذي لم يعتق فإن شاء قوم على شريكه المعتق حصته ، وإن شاء تماسك بنصيبه إلى حلول الأجل ، [ ص: 3799 ] فإذا حل الأجل كان كمن ابتدأ عتقا ساعتئذ وعمل فيه لسنة التقويم . قال : وإنما خير الذي لم يعتق; لأن الشريك قد يريد أن يختص بالعبد وحده ويأبى شريكه بيعه منه فيحتال فيعتق نصيبه إلى أجل ويتعجل بذلك ما قد منعه منه شريكه ، فإذا جاز ذلك له في السنة فعله في أبعد . وبه قال ابن حبيب في المبسوط : إن المتمسك بالرق بالخيار بين أن يقوم عليه الساعة ، ويأخذ القيمة للضرر الذي أدخل عليه ويكون العبد بيد المعتق معتقا كله إلى سنة بالحكم ، وإن شاء تماسك ، وقال : لا أخرج من عبدي إلا إلى عتق صريح غير أنه لا يبيع نصيبه إلى سنة إلا من شريكه المعتق; لأن بيعه من غيره غرر ، وإن أتت السنة وهو موسر أخذ قيمة ما اشترى حينئذ ، وإن كان معسرا صح له ذلك النصف فمنع البيع ، فإن أتت السنة وهو موسر أعتق عليه وإن كان معسرا لم يعتق ، قيل له فإن أراد الذي لم يعتق أن يقوم الآن فلم يوجد له شيء ثم جاءت السنة ، هل تعاد القيمة؟ قال : نعم تعاد القيمة ، ويفتش عن ماله; لأن يومئذ وجبت القيمة ، وإنما كانت القيمة أولا نظرا للمتمسك بالرق متى اختارها ، والقول إن السيد بالخيار أحسن ، وقد أبان عبد الملك في كتاب مالك ابن حبيب في المبسوط حجة السيد في ذلك ، ولو أعتق الأول إلى سنة والثاني إلى ستة أشهر لم يقوم على واحد منهما . [ ص: 3800 ] وعبد الملك
واختلف إذا أعتق الثاني إلى سنتين فعلى القول إن التقويم الآن حكما من غير خيار في ذلك إن لم يعتق ، يقال للثاني : إما أن تسقط السنة الثانية ، وتجعل عتقك إلى أجل صاحبك وإلا رد عتقك ، وعلى القول إن الثاني بالخيار بين تعجيل التقويم وتأخيره إلى السنة ، لا يتعرض له الآن ويؤخر الأمر إلى محل السنة ، فإن جاءت السنة والأول معسر مضى عتق الثاني إلى السنتين ، وإن كان موسرا خير حينئذ بين أن يسقط السنة أو يقوم على الأول ، وإن أعتق الأول إلى سنة والثاني إلى موت فلان وقف الأمر ، فإن مات فلان أولا أعتق نصيب الثاني وبقي عتق الأول إلى تمام السنة وإن انقضت السنة قبل موت فلان قيل للثاني : إما أن تعجل عتق نصيبك وإما أن تقوم على الأول ، ولو أعتق الأول إلى موت فلان والثاني إلى سنة لمضى العتقان الآن على ما شرط ثم ينظر ، فإن مات فلان قبل انقضاء السنة قيل للثاني : إما أن تعجل عتق نصيبك وإما أن تقوم ، فإن انقضت السنة قبل أن أعتق نصيب الثاني وبقي الأول إلى موت فلان ، وإنما يراعى في هذا يسر الأول وعسره عند نفاد العتق في نصيبه قبل نفاد عتق الثاني ، ولا تراعى حالة المعتق يوم أعتق ، وإن أعتق الأول إلى موت فلان والثاني إلى موت رجل آخر ، فإن مات فلان الثاني أعتق نصيب المشترط بموته وبقي الأول حتى يموت من شرط العتق بموته ، وإن مات فلان الأول أعتق نصيب الأول ، وقيل للثاني : إما أن تعجل عتق نصيبك وإما أن تقوم على الأول ، وإن أعتق أحدهما إلى موت نفسه والآخر إلى موت فلان ، فمات فلان أولا أعتق نصيب من علق العتق بموته ، ثم ينظر ، فإن كان هو المشترط العتق بموته [ ص: 3801 ] أولا قيل للآخر : إما أن تعجل عتق نصيبك وإما قومت على شريكك ، وإن كان التدبير قبل وحمل الثلث ذلك النصيب أعتق وبقي نصيب الآخر إلى الموت ; لأنه لا يقوم على ميت ، وإن كان على الميت دين يرقه قدم نصيب الميت على الحي ، وإن لم يكن عليه دين ولم يحمله الثلث أعتق منه ما حمل الثلث ولم تستكمل بقيته على الآخر لأنه أعتق من سبق فيه العتق من غيره ، وإن مات فلان قبل وكان التدبير قبل ، أعتق نصيب من علق العتق بموته .
ثم يختلف في نصيب المدبر هل ينقض تدبيره ويستكمل على المعتق لموت فلان أم لا؟ لأن العتق آكد من التدبير ، وإن أعتق كل واحد منهما لموت نفسه كان تدبيرا منهما ، وذلك مذكور في كتاب التدبير .