فصل [في نفقة المحضون وكسوته وكيف يقضى فيها]
فإن قال الأب: تبعثه إلي يأكل عندي ثم يعود إليك- لم يكن ذلك له; لأن في ذلك ضررا على الولد وعلى من هو في حضانته; لأن الأطفال لا ينحصر الوقت الذي يأكلون فيه وأكلهم مفترق، وذلك يؤدي إذا جاع أن تطعمه حاضنته من عندها، ولا تتركه [ ص: 2577 ] فتتكلف منه ما لا يلزمها أو تتركه فيضيع، وبخاصة في الإناث; لأن كثرة تردادهن يؤدي إلى الإخلال بصيانتهن. لمن الولد في حضانته من أم أو غيرها أن يأخذ ما يحتاج إليه الولد من نفقة، أو كسوة وغطاء ووطاء،
واختلف في على أربعة أقوال: فقال في المدونة: على الأب السكنى. وقال يحيى بن عمر: السكنى على قدر الجماجم. وقال: وروي أيضا ألا شيء على المرأة فيما كان أبوه موسرا. وقال أجرة سكنى الولد في كتاب ابنه: ذلك عليهما، وليس يكون نصفين، ولكن على قدر ما يرى ويجتهد. وأرى أن تجري المسألة على ثلاثة أوجه: فإن كان الأب في مسكن يملكه، أو بكراء ولو كان ولده معه لم يتزيد عليه في الكراء، ألا شيء على الأب; لأنه كان في مندوحة عن دفع الأجرة عن سكناه. وإن كان يتزيد عليه في الكراء وعليها هي لأجل الولد كان عليه الأقل مما يتزيد عليه أو عليها لأجله، فإن كان ما زيد عليها أقل أخذته; لأنه القدر الذي أضرها به، وإن كان مما يتزيد عليه أقل غرمه; لأنه مما لم يكن له منه بد لو كان عنده. سحنون
واختلف في خدمته إياه، فقال في المدونة: إن كان لا بد للولد من خادم لضعفهم عن أنفسهم والأب يقوى على الإخدام أخدمهم. وقال في الدمياطية: ليس عليه أن يخدمهم. قال: وبذلك قضى ابن وهب على أبو بكر - رضي الله عنهما - دفع الولد إلى الجدة، وأمره بالإنفاق عليه. وأرى أن يعتبر في الخدمة نحو ما [ ص: 2578 ] تقدم في الإسكان، فإن كان الولد، لو كان في جملة الأب، لم يقم لها خادما فلا شيء عليه، وإلا أقام لهم من يخدمهم، فقد يكون للأم خادم تخدمها، وخدمة الولد غير منفصلة من خدمة الأم، فلا يكون لها شيء، فإذا كان الطبخ والعجن والغسل في جملة الأم لم يضرها الولد بشيء، إلا أن يكونوا عددا فيكون على الأب أن يخدمهم لعظم مؤنتهم. عمر
وأما الغطاء والوطاء فعلى الأب ما يحتاجون إليه من ذلك، وإن كان مبيتهم في جملة الأم كان عليه بقدر ما ينوبهم، وإن لم يكونوا في جملتها أقام لهم ما يحتاجون إليه من ذلك. وإن بلغ الولد حد من لا يجوز له أن يبيت متعريا مع الأم أقام لهم ما يحتاجون إليه من ذلك لانفرادهم.