الدعاء عام إلى التوحيد
وأما الدعاء إلى التوحيد الذي هو عبارة عن الشهادتين، فقد دل الكتاب، والسنة، وأقوال الأئمة عليه دلالة هي أوضح من شمس النهار.
قال تعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين [يوسف: 108].
قال يقول الله تعالى لنبيه: قل يا محمد: هذه الدعوة التي أدعو إليها، والطريقة التي أنا عليها من الدعاء إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون الآلهة والأوثان، والانتهاء إلى طاعة الله، وترك معصيته، سبيلي؛ أي: طريقي ودعوتي إلى الله وحده لا شريك له على بصيرة بذلك، ويقين، وعلم مني أنا، ويدعو إليه على بصيرة أيضا من اتبعني، وصدقني، وآمن بي. ابن جرير الطبري:
وقل تنزيها لله، وتعظيما له من أن يكون له شريك في ملكه، أو معبود سواه في سلطانه: وأنا بريء من أهل الشرك به، ولست منهم، ولا هم مني. انتهى. [ ص: 128 ]
وفي الآية: التنبيه على الإخلاص؛ لأن كثيرا ممن يدعو إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه.
وفيها: أن البصيرة من أعلى درجات العلم التي تكون نسبة العلوم فيها كنسبة المرئي إلى البصر.
وهذه هي الخصيصة التي اختص بها الصحابة على سائر الأمة، وهي أعلى درجات العلماء.
فالآية تدل على أن أتباعه الداعين إلى الله تعالى أهل البصائر، ومن ليس منهم، فليس من أتباعه على الحقيقة والموافقة، وإن كان من أتباعه على الانتساب، والدعوى.
ويوضحه قوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن [النحل:125].