بيان حكم الانحناء لغير الله ومعانقة الرجل وتقبيله
وعن قال: أنس، . قال رجل: يا رسول الله! الرجل يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له ؟ قال: "لا" ، قال: أفيلتزمه، ويقبله ؟ قال: "لا"
استدل بهذا الحديث على كراهة الانحناء، والمعانقة، والتقبيل.
[ ص: 412 ] وقيل: لا يكره التقبيل; لثبوته في الحديث الآخر، ويكون لزهد، وعلم، وكبر سن.
قال النووي: حني الظهر مكروه; للحديث الصحيح في النهي عنه، ولا تعتبر كثرة من يفعله ممن ينسب إلى علم، وصلاح.
والمعانقة وتقبيل الوجه لغير القادم من سفر ونحوه مكروهان، صرح به البغوي وغيره; للحديث في النهي عنهما كراهة تنزيه. كذا في "المرقاة" .
قلت: ولا وجه لحمل الكراهة هنا على النزاهة، فإن الأصل فيه الحرمة، ولكن الراجح أن العناق والقبلة خصصا بأدلة أخرى، ولم يخص الانحناء لكونه فيه تعظيم مفرط، لا ينبغي إلا الله تعالى، فإنه يشبه الركوع في الصلاة، ولا يجوز الركوع إلا للمعبود بحق، وهو الله سبحانه.
ومن هنا ظهر أن ما يفعله الناس في المسجد النبوي; من الانحناء إلى القبر الشريف المصطفوي بعد التسليم من الصلاة، بدعة محرمة، وفيها مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم; لأنه هو الذي نهى عن ذلك، وقد فعل ذلك به - عليه السلام -، وقبره الشريف وثنا يعبد دون الله. فاشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد،
قال: أفيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال: "نعم" رواه الترمذي.
وفيه وهو يكون بيد واحدة من الطرفين، ولم يرد في مرفوع قط هذا الشكل الكذائي المروج في هذا العصر من المصافحة باليدين من الجانبين والصاحبين، ولا حجة في أثر، ولا موقوف على صحابي. استحباب التصافح،
وفي هذا الباب رسالة وجيزة لبعض شيوخنا، وجواب على سؤال في كتاب "هداية السائل" ، فراجعه.