وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا .
[102] عن ابن عباس وجابر: جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! إنها صلاة الخوف، وإن الله عز وجل يقول: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فعلمه صلاة الخوف، وكان نزول الآية بين الظهر والعصر. أن المشركين لما رأوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه قاموا إلى الظهر يصلون جميعا، ندموا ألا كانوا أكبوا عليهم، فقال بعضهم لبعض: دعوهم; فإن لهم بعدها صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم، يعني: صلاة العصر، فإذا قاموا إليها، فشدوا عليهم فاقتلوهم، [ ص: 186 ] فنزل
قال رضي الله عنه: الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل كل ذلك جائز لمن فعله، فمن ذلك: صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة،
إذا كان العدو في جهة القبلة، صف الإمام المسلمين خلفه صفين، فصلى بهم جميعا إلى أن يسجد، فيسجد معه الصف الذي يليه، ويحرس الآخر حتى يقوم الإمام إلى الثانية، فيسجد ويلحقه، فإذا سجد في الثانية، سجد معه الصف الذي حرس أولا، وحرس الآخر حتى يجلس في التشهد، فيسجد ويلحقه، فيتشهد ويسلم بهم، وهذه صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعسفان.
الوجه الثاني: إذا كان العدو في غير جهة القبلة، جعل طائفة حذاء العدو، وطائفة تصلي معه ركعة، فإذا قاموا إلى الثانية، ثبت قائما، وأتمت لأنفسها أخرى، وسلمت ومضت إلى العدو، وجاءت الطائفة الأخرى [ ص: 187 ] فصلت معه الركعة الثانية، فإذا جلس للتشهد، أتمت لأنفسها أخرى، وتشهدت، وسلم بهم.
فإن كانت الصلاة مغربا صلى بالأولى ركعتين، وبالثانية ركعة، وإن كانت رباعية غير مقصورة، صلى بكل طائفة ركعتين، وأتمت الأولى بـ (الحمد لله) في كل ركعة، والأخرى تتم بـ (الحمد لله) وسورة، وتفارقه الأولى عند فراغ التشهد، وينتظر الإمام الطائفة الثانية جالسا، يكرر التشهد، فإذا أتت، قام، وهذه صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بذات الرقاع، وهي عند أفضل من صلاته ببطن نخل على ما يأتي، وإلى هذا الوجه ذهب مالك. الشافعي
الوجه الثالث: أن يصلي بطائفة ركعة، ثم تمضي إلى العدو، وتأتي الأخرى فيصلي بها ركعة، ويسلم وحده، وتمضي هي، ثم تأتي الأولى فتتم صلاتها، ثم تأتي الأخرى فتتم صلاتها، وهذا الوجه مذهب أبي حنيفة.
الوجه الرابع: أن يصلي بكل طائفة صلاة، ويسلم بها، وهذه صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببطن نخل.
الوجه الخامس: أن يصلي الرباعية المقصورة تامة، وتصلي معه كل طائفة ركعتين، ولا تقضي شيئا، فتكون له تامة، ولهم مقصورة.
واتفقوا على أن أربع ركعات غير مقصورة، وفي السفر ركعتان إذا كانت رباعية، وغير الرباعية على عددها، لا يختلف حكمها حضرا ولا سفرا ولا خوفا. صلاة الخوف في الحضر
فإذا اشتد الخوف، صلوا رجالا وركبانا، إلى القبلة وغيرها يومئون بالركوع والسجود على قدر الطاقة، ويجعلون السجود أخفض من الركوع، [ ص: 188 ] وبذلك قال الأئمة الثلاثة، وقال لا يصلي ماشيا ولا مسايفا إذا لم يمكن الوقوف، ووافقهم على جواز الصلاة راكبا، والإيماء إلى أي جهة قدر. أبو حنيفة:
وإذا كنت فيهم يا محمد حاضرا في أصحابك.
فأقمت لهم الصلاة تقدم مذهب في تغليظ لام (الصلاة). ورش
فلتقم طائفة منهم معك مصلية، وطائفة وجاه العدو.
وليأخذوا أي: غير المصلين.
أسلحتهم وقيل: المراد: المصلون والآية تتناول الكل، وليكن سلاح المصلين ما خف مما لا يشغله عن الصلاة.
فإذا سجدوا أي: المصلون معك.
فليكونوا من ورائكم مكان الذين هم وجاه العدو.
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا وهم الذين في وجه العدو.
فليصلوا معك وليأخذوا أي: الآتون، وقيل: المصلون.
حذرهم وأسلحتهم جعل الحذر آلة يتحصن بها الغازي مع الأسلحة.
ود الذين كفروا يتمنى الكفار.
لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة فيقصدونكم، ويحملون عليكم حملة واحدة، ورخص لهم في ترك السلاح للعذر فقال:
ولا جناح لا إثم. [ ص: 189 ]
عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم لأن السلاح يثقل حمله في هاتين الحالتين.
وخذوا حذركم كيلا يهجم عليكم العدو.
إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا يهانون فيه.