هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار .
[2] هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب هم بنو النضير، وكانت قبيلة عظيمة من بني إسرائيل، موازنة في القدر والمنزلة لبني قريظة، وكان يقال للقبيلتين: الكاهنان؛ لأنهما من ولد الكاهن ابن هارون.
من ديارهم وكانت أرضهم وحصونهم قريبة من المدينة بقرية يقال لها: زهرة، ولهم نخل وأموال عظيمة.
لأول الحشر أي: عند أول حشرهم إلى الشام، والحشر: الجمع [ ص: 7 ] والتوجيه إلى ناحية ما، قال من شك أن المحشر بالشام، فليقرأ هذه الآية"، فكان ابن عباس: أول حشر إلى الشام، ثم تحشر الخلق يوم القيامة إلى الشام، وقيل: معناه لأول الحشر؛ لأنهم كانوا أول من أجلي من أهل الكتاب من جزيرة العرب، ثم أجلى آخرهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "اخرجوا"، قالوا: إلى أين؟ قال: "إلى أرض المحشر، رضي الله عنه، وسميت جزيرة، لأنه أحاط بها عمر بن الخطاب بحر الحبشة، وبحر فارس، ودجلة، والفرات.
ما ظننتم أيها المؤمنون أن يخرجوا من المدينة؛ لعزهم وقوتهم وظنوا أي: بنو النضير.
أنهم مانعتهم حصونهم من الله أي: من بأس الله؛ لوثوقهم بحصانتها.
فأتاهم الله أي: أمره وعذابه من حيث لم يحتسبوا أي: يظنوا.
وقذف في قلوبهم الرعب الخوف بقتل سيدهم كعب بن الأشرف غيلة قبل ذلك، وتقدم ذكر قتله في سورة آل عمران. قرأ أبو جعفر، وابن عامر، والكسائي، (الرعب) بضم العين، والباقون: بإسكانها. ويعقوب:
يخربون بيوتهم يهدمونها. قرأ (يخربون) بفتح الخاء وتشديد الراء من خرب، وقرأ الباقون: بإسكان الخاء مخففا من أخرب، [ ص: 8 ] لغتان، وقرأ أبو عمرو: ابن كثير، وقالون، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، عن وأبو بكر (بيوتهم) بكسر الباء، والباقون: بضمها، ومعناهما واحد. عاصم:
بأيديهم [كانوا يخربون بواطنها؛ لئلا يتحسروا على بقائها للمسلمين].
وأيدي المؤمنين كانوا يخربون باقيها.
فاعتبروا فاتعظوا بمصابهم يا أولي الأبصار ذوي العقول والبصائر.
* * *